في الأيام الأخيرة من فبراير، بينما كانت ألسنة اللهب المنبعثة من حريق «سموكهاوس كريك» تتجه شرقاً عبر منطقة «تكساس بانهاندل» لليوم الرابع على التوالي بسرعات تفوق سرعة أي شخص، اجتاحت المنطقة موجة باردة، أدت إلى عاصفة ثلجية اتجهت جنوباً فوق السهول الكبرى. وفي تصادم عنصري، التقت النار والثلوج في شرق «أماريلو»، وانضمت إليها رقائق الثلوج الدوامة، ثم ذابت وتحولت إلى دخان ورماد نار البراري الهائلة.
مرت العاصفة الثلجية، لكن الحريق كان واحداً من عدة حرائق كبرى نشطة في تكساس. أثر حريق «سموكهاوس كريك» على أكثر من مليون فدان، ما يجعله أكبر حريق غابات في تاريخ تكساس، وواحد من أكبر الحرائق في تاريخ البلاد. ومع أنه لم يتم احتواء سوى 15% من الإعصار، فقد عبر إلى أوكلاهوما، تاركاً في أعقابه قطعاناً من الماشية النافقة وعشرات المنازل المحترقة. وقد توفي شخصان على الأقل. ويتوقع العاملون في مجال مكافحة الحرائق «طقس الحرائق» - طقساً حاراً وجافاً وعاصفاً. في ظل هذه الظروف، يمكن نظرياً أن تستمر الحرائق العديدة في المنطقة إلى أجل غير مسمى.
يعرف سكان تكساس أن الحرائق شائعة في منطقة بانهاندل في هذا الوقت من العام، وكذلك الحال بالنسبة للثلوج. لكن الحرائق الضخمة والمميتة مثل «سموكهاوس كريك» تمثل شيئاً مختلفاً. تشير حرائق الشتاء على هذا النطاق إلى اضطراب أكبر بكثير في استقرار المناخ، وهو ما لن يشوه مفهومنا للفصول فحسب، بل كل ما نقوم به ونهتم به.
قبل أسبوعين من اندلاع حريق «سموكهاوس»، سافرت بالطائرة من سينسيناتي إلى سياتل، حيث حلقت الطائرة فوق منطقة أعرفها جيداً، لكن على عمق 30 ألف قدم تقريباً أسفل مقعد نافذتي كان يوجد بلد بالكاد أعرفه: من نهر أوهايو إلى جبال روكي، لم يكن هناك أي ثلوج تقريباً، كانت البحيرات والأنهار خالية من الجليد. إنني من سكان الشمال، وأعرف كيف سيكون شهر فبراير، ولكن ما هذا الموسم الذي نشهده؟
منذ أسابيع حتى الآن، كانت تحذيرات العلم الأحمر الصادرة عن خدمة الأرصاد الجوية الوطنية تظهر، والتي تشير إلى ارتفاع خطر حرائق الغابات، في جميع أنحاء الولايات المتحدة - من الحدود المكسيكية إلى البحيرات العظمى وفلوريدا. وتظهر تحذيرات مماثلة شمال الحدود الكندية. وفي 20 فبراير، أعلنت مقاطعة ألبرتا، الولاية النفطية التي تعادل مساحتها ولاية تكساس والمطلة على ولاية مونتانا، البداية الرسمية لموسم الحرائق. وكان هذا قبل أسبوعين تقريبا من العام الماضي، وستة أسابيع قبل عقدين من الزمن. تقع ألبرتا في قلب كندا، وهي مكان مشهور بالبرد والثلوج، ومع ذلك لا يزال هناك حوالي 50 حريقاً مشتعلاً في جميع أنحاء تلك المقاطعة. وفي كولومبيا البريطانية المجاورة، حيث أعيش، هناك ما يقرب من 100 حريق نشط، وقد انتقل عدد منها من موسم الحرائق الأسطوري في العام الماضي (الأسوأ في تاريخ كندا) المرتبط بانخفاض كتل الثلوج ودرجات حرارة الشتاء الأعلى من المتوسط.
ومن المثير للقلق أن نرى هذه الحرائق والتحذيرات فيما يفترض أنه نهاية الشتاء، لكن النار، بقدر ما هي مشتتة وخطيرة، ليست سوى عرض واحد. إن ما يحدث في أميركا الشمالية ليس انحرافاً إقليمياً، إنه جزء مما يسميه علماء المناخ التحول المرحلي. لقد شهد العام الماضي تقريباً كل مقاييس الضائقة الكوكبية تتجه إلى منطقة مجهولة: درجة حرارة سطح البحر، ودرجة حرارة الهواء، وفقدان الجليد القطبي، وشدة الحرائق - كل هذه الأحداث باتت خارج المخططات. وكانت درجة الحرارة 72 درجة فهرنهايت في ولاية ويسكونسن يوم الثلاثاء، و110 درجات فهرنهايت في باراجواي. وتشهد أجزاء كبيرة من شمال المحيط الهادئ وجنوب المحيط الأطلسي ارتفاعاً في درجات الحرارة بأكثر من خمس درجات فهرنهايت فوق المعدل الطبيعي.
وقد لخص «توماس سميث»، عالم الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد، الأمر بهذه الطريقة لهيئة الإذاعة البريطانية في يوليو قائلاً: «لا أتذكر فترة مماثلة، حيث كانت جميع أجزاء النظام المناخي في حالة قياسية أو غير طبيعية». ومع هذه الحالات المتطرفة تأتي الخسائر: فقد لقي أكثر من 130 شخصاً حتفهم الشهر الماضي في حرائق الغابات خارج فالبارايسو في تشيلي - أكثر من عدد القتلى في حريق ماوي في أغسطس الماضي أو حريق بارادايس بكاليفورنيا في عام 2018 - ما يجعلها الأكثر دموية في العالم منذ حرائق السبت الأسود في أستراليا عام 2009.
تاريخياً، كان البشر هم الذين يتفوقون على العالم الطبيعي. من رؤوس الحراب إلى الذكاء الاصطناعي، كان جنسنا البشري يحرز تقدماً بشكل مطرد وبسرعة أكبر من الزمن الجيولوجي، لكن الآن، الزمن الجيولوجي - وتحديداً وقت الغلاف الجوي وتوقيت المحيط - يتحرك بسرعة، وفي بعض الحالات أسرع منا - أسرع من التكنولوجيا، وأسرع من التاريخ. إن العالم الذي ظننا أننا نعرفه يتغير تحت أقدامنا لأننا غيرناه.
لقد توقع علماء شركة إكسون نفسها هذه التغيرات البشرية الناجمة عن الوقود الأحفوري منذ نصف قرن تقريباً، لكننا ما زلنا غير مستعدين لها، وكذلك معظم رفاقنا من المخلوقات. إذا كنت قد تعلمت شيئاً واحداً من الكتابة عن حرائق الغابات، فهو أن هذا العالم الأكثر سخونة والأقل استقراراً ليس «الوضع الطبيعي الجديد». نحن ندخل مرحلة «المناخ المجهول». هنا توجد تنانين، وبعضها عبارة عن نيران يبلغ عرضها 20 ميلاً.
نصيحتي الجادة هي الاستماع إلى علماء المناخ، وعلماء الأرصاد الجوية، ومسؤولي الحرائق. إنهم يحاولون إنقاذ حياتكم. وإذا رأيت ناراً في الأفق، فلا تركز اهتمامك على النيران، انتبه إلى الريح: إذا كانت تهب نحوك، فإن الجمر كذلك، ومن الأفضل أن تستعد للانطلاق.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»