عندما بدأت شركة التكنولوجيا الحيوية «كولوسال» Colossal نشاطها في عام 2021، حددت هدفاً مثيراً للدهشة: إجراء هندسة وراثية للأفيال ذات الشعر والسمات الأخرى الموجودة في فيل الماموث الصوفي المنقرض. وبعد مرور ثلاث سنوات، لم تعد المخلوقات الشبيهة بالماموث تتجول في منطقة سهول التندرا. لكن يوم الأربعاء، أعلن باحثون في الشركة عن تقدم جدير بالملاحظة: حيث قاموا بإنشاء خلايا جذعية للفيل يمكن تطويرها إلى أي نسيج في الجسم. وقالت إريونا هيسولي، رئيسة العلوم البيولوجية في شركة «كولوسال»، إن الخلايا يمكن أن تساعد في حماية الأفيال الحية. وقد أعرب باحثون مستقلون أيضاً عن إعجابهم بالخلايا المعروفة باسم الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات، أو( iPSCs)، وقال «فنسنت لينش»، عالم الأحياء في جامعة «بوفالو»، والذي لم يشارك في البحث، إن الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات يمكن أن تساعد العلماء في التعرف على البيولوجيا الغريبة للأفيال، بما في ذلك سبب ندرة إصابتها بالسرطان.

وقال لينش: «إن القدرة على دراسة هذا باستخدام iPSCs أمر مثير للغاية». وأضاف أن هذا الاكتشاف «يفتح عالماً من الإمكانيات لدراسة مقاومة السرطان». بدأ «جورج تشيرش»، عالم الأحياء في كلية الطب بجامعة هارفارد، بمحاولة إحياء الماموث الصوفي منذ أكثر من عقد من الزمن. في ذلك الوقت، كان علماء الوراثة يستخرجون الحمض النووي من عظام الحيوانات المنقرضة ويحددون الاختلافات الجينية بينهم وبين أبناء عمومتهم من الأفيال الأحياء.

ورأى تشيرش أنه إذا تمكن من تغيير الحمض النووي لجنين الفيل، فإنه سيمتلك بعض السمات التي سمحت للماموث الصوفي بالبقاء على قيد الحياة في المناخات الباردة. أثناء العمل مع هيسولي، التي كانت باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبره، وزملائهم، أجرى «تشيرش» بعض الأبحاث الأولية حول تعديل الحمض النووي للفيل. لكن المجموعة عانت بسبب وجود عدد محدود من خلايا الأفيال. لذلك، شرع الباحثون في صنع إمداداتهم الخاصة، مستوحاة من العمل الحائز على جائزة نوبل لعالم الأحياء الياباني «شينيا ياماناكا» وزملائه. اكتشف «ياماناكا» كيفية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في خلايا الفئران البالغة بحيث تشبه الخلايا الموجودة في الجنين بشكل فعال. ومع المزيج الصحيح من المواد الكيميائية، يمكن لهذه الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات، أو iPSCs أن تتطور إلى العديد من الأنسجة المختلفة، حتى البيض. وقد صنع الباحثون خلايا iPSCs لأنواع أخرى، بما في ذلك البشر. على سبيل المثال، قام بعض الباحثين بتكوين كتل من الخلايا العصبية البشرية التي تصنع موجات الدماغ. ولكن ثبت أن إعادة برمجة خلايا الفيل أصعب بكثير. وقال لينش إنه حاول إنشاء خلايا (iPSCs) للأفيال لسنوات دون نجاح. كان يعتقد أن المشكلة تتعلق بسمة مميزة للأفيال: نادراً ما تصاب بالسرطان. تشير عملية حسابية بسيطة إلى أن الكثير من الأفيال يجب أن تصاب بالسرطان. تنقسم خلية الفيل الجنينية الواحدة مرات عدة لتنتج الجسم الضخم لحيوان بالغ. مع كل انقسام، يكون للحمض النووي فرصة للتحور. وقد تدفع هذه الطفرة الخلية الجديدة نحو النمو غير المنضبط، أو السرطان.

لكن الفيلة طورت عدداً من الدفاعات الإضافية ضد السرطان. ومن بينها بروتين يسمى TP53. تحمل جميع الثدييات جيناً للبروتين، مما يتسبب في تدمير الخلية ذاتياً إذا بدأت تظهر عليها علامات النمو غير المنضبط. لدى الفيلة 29 جينا لـTP53، والتي تتمكن معاً من سحق الخلايا السرطانية بقوة. ربما كانت هذه التعديلات المضادة للسرطان هي ما أوقف إعادة برمجة خلايا الأفيال البالغة إلى خلايا iPSCs. قد تشبه التغييرات التي تحدث في الخلية الخطوات الأولى نحو السرطان، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا ذاتياً. قال تشيرش: «كنا نعلم أن البروتين p53 سيكون له أهمية كبيرة». وحاول هو وزملاؤه التغلب على التحدي من خلال الحصول على إمدادات جديدة من الخلايا من الأفيال الآسيوية المهددة بالانقراض. وعلى الرغم من أنهم لم يتمكنوا من استخراج عينات الأنسجة من تلك الحيوانات، إلا أنهم تمكنوا من الحصول على الحبال السرية للأفيال الصغيرة. ثم أنشأ الباحثون جزيئات لمنع إنتاج جميع بروتينات p53 في الخلايا. ومن خلال الجمع بين هذا العلاج وكوكتيل ياماناكا -وكذلك مع بروتينات أخرى- نجحوا في صنع خلايا iPSCs للأفيال. قال تشيرش: «يبدو أنهم اجتازوا جميع الاختبارات بنجاح كبير».

وقد نجح هو وزملاؤه في حث هذه الخلايا على النمو لتصبح مجموعة من الخلايا تشبه الجنين. وتطورت الخلايا إلى ثلاثة أنواع متميزة وُجدت في أجنة الثدييات المبكرة. لا تزال شركة كولوسال تهدف إلى تحقيق هدفها الأكبر المتمثل في «إعادة الماموث الصوفي». تخطط هيسولي وزملاؤها لتغيير بعض الجينات في الخلايا الجذعية من تسلسلات الفيل إلى تسلسلات «الماموث الصوفي». وسيرون بعد ذلك ما إذا كانت هذه التعديلات تؤدي إلى تغييرات في الخلايا نفسها. وقالت إنه باستخدام هذه الاستراتيجية، قد يكون من الممكن زراعة مجموعة من خلايا الفيل التي تنبت شعر الماموث، على سبيل المثال. كارل زيمر

صحفي أميركي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»