بعد ظهر أحد أيام الأحد، كان والد زوجتي على طريق «لونج آيلاند» السريع في طريقه هو والعائلة لحضور حدث ما. ومع قلة حركة المرور بشكل مدهش على ما يمكن أن يكون عادة أحد الطرق السريعة المزدحمة، كانوا يسيرون بسرعة جيدة. وعند نقطة معينة، سألت والدة زوجتي: «عزيزي، هل لديك أي فكرة إلى أين أنت ذاهب؟» فضحك وأجاب: «لا، لكننا نقضي وقتاً ممتعاً». ضحك الجميع. وأصبحت عبارة «ليس لدي أي فكرة إلى أين نحن ذاهبون، لكننا نقضي وقتاً ممتعاً»، تعبيراً عائلياً لوصف المواقف التي يتحرك فيها الناس بشكل أعمى وبلا اتجاه.

في بعض الأحيان بشكل غير ضار، وفي أحيان أخرى بنتائج كارثية. لقد استخدمت هذا التعبير لوصف حرب جورج دبليو بوش في العراق وتفجيرات أوباما في ليبيا. واليوم، يمكن تطبيق ذلك على التدمير الإسرائيلي المستمر لغزة والمواجهة مع إيران. في هذه المواقف، والكثير غيرها، أتذكر «عقيدة باول»، التي يتم الاستشهاد بها كثيراً ولكن لم يتم اتباعها مطلقاً، والتي تحذر من بدء حرب عندما لا تكون التكلفة أو العواقب أو شروط الاشتباك أو استراتيجية الخروج معروفة. أشارت مقالة حديثة إلى أنه بعد السابع من أكتوبر، بالإضافة إلى التعهد بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل، حذر الرئيس جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ارتكاب الخطأ الذي ارتكبته الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر.

ونصح نتنياهو بعدم السماح للغضب بأن يعميه عن العواقب أو للعنف لخلق المزيد من الكراهية. لقد كانت هذه هي طريقته في التعبير عن المبادئ التي تكمن في لب عقيدة باول. (ومن عجيب المفارقات أن باول نفسه انتهك هذا المبدأ في الفترة التي سبقت حرب العراق، والتي لا تزال عواقبها معنا حتى يومنا هذا). وبعد ستة أشهر، من الواضح أن نتنياهو لم يستمع، وأن بايدن لم يطلب إجابة مرضية. لقد قتلت إسرائيل أكثر من 34 ألف فلسطيني وأصابت ضعف هذا العدد. لقد دمروا معظم المباني والبنية التحتية في غزة، وحولوا مدناً بأكملها إلى أنقاض، واتُّهموا بحق بارتكاب إبادة جماعية وخلق مجاعة وشيكة. ومع ذلك، وعلى الرغم من بعض الحث الضعيف، فإننا نواصل تقديم الدعم لإسرائيل. يقول المعلقون الإسرائيليون بشكل متزايد إنه حتى مع ضخامة الموت والدمار الذي أحدثوه، فقد خسرت إسرائيل هذه الحرب. ولم يهزموا «حماس». إذا كان هناك أي شيء، فقد ساعدوا في إطلاق «حماس 2.0»، لقد تزايدت الكراهية لإسرائيل بشكل كبير لدى الفلسطينيين وفي جميع أنحاء العالم العربي والعالم. ولا تزال إسرائيل لا تملك أي فكرة عن كيفية إنهاء هذا الكابوس، وما هي الفائدة التي حققتها من الضرر الذي أحدثته ومع ذلك يستمرون. منذ أشهر، ظل الرئيس بايدن يطرح سؤال والدة زوجتي: «هل لديك أي فكرة إلى أين أنت ذاهب؟» - ويسأل نتنياهو عن «لعبته النهائية» أو «اليوم التالي».

ومع عدم وجود مطالبة بالإجابة أو التهديد بحجب الدعم حال عدم الحصول على إجابة، واصلت إسرائيل السير بسرعة إلى لا مكان. بالتزامن مع هجومها المستمر على الفلسطينيين، كانت إسرائيل تهاجم إيران بشكل مطرد - من خلال الاغتيالات والتفجيرات السرية في البلاد والهجمات الاستفزازية ضد الإيرانيين في سوريا - مما أدى إلى رد إيران السريع الخطير في نهاية الأسبوع الماضي ووعد إسرائيل بالانتقام. ومرة أخرى، لا بد من طرح السؤال: «هل لديك أي فكرة إلى أين أنت ذاهب؟» من بين العيوب المستمرة في التفكير العربي بشأن إسرائيل والولايات المتحدة الافتراض بأنهم يعرفون بالضبط ما يفعلونه، مع وجود هدف كبير وراء أفعالهم. وجزئياً، فإن إسقاط العقلانية على سلوك غير عقلاني موضوعياً يتولد من افتراض أن الغرب أكثر ذكاءً ودائماً ما يفكر جيداً في الأمور، ويؤدي إلى نظريات مؤامرة جامحة.

في الواقع، في أغلب الأحيان، تتصرف كل من إسرائيل والولايات المتحدة بناءً على لا شيء أكثر من حقيقة أنهما يريدان ذلك ويستطيعان ذلك، من دون أي خطة أو تفكير في العواقب. إن خطر ترك هذا السلوك دون رادع واضح. إذا كانت الولايات المتحدة غير راغبة أو غير قادرة على لعب دور الرجل البالغ في الغرفة وكبح جماح إسرائيل (أو نفسها)، فيجب على الدول الأخرى أن تتحرك. فبدلاً من السماح لإسرائيل بالانفلات في حالة من الفوضى والسماح لها ولإيران بإحداث الفوضى وخطر نشوب حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، فإن التدخل مطلوب. يتعين على الدول الأخرى أن تطرح السؤال الذي طرحته والدة زوجتي: «هل لديك أي فكرة إلى أين أنت ذاهب؟» وإذا لم يتم التوصل إلى إجابة مناسبة، فيجب عليهم المطالبة بإيقاف السيارة وتسليم المفاتيح - قبل أن ينتهي بنا الأمر جميعاً إلى الهاوية.

*رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن