ظل الخليج موحداً ومتحداً في العمق، ولا يزال.. منذ فجر الإسلام وحتى بزوغ إشراقة المستقبل متمثلاً في دوله الوطنية. ودولة الإمارات وسلطنة عُمان جزء من البوتقة الخليجية الموحدة على مر العصور والأزمنة.. وهذا تاريخ مشترك يصعب اختزاله الآن في لجنة مشتركة أو نحو ذلك من صور التعاون المهمة بلا أدنى شك، تماماً كما هو الأمر بالنسبة للمصير المشترك أيضاً.
أبدأ من المنطلق الإنساني، حيث بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برقية تعزية إلى أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان الشقيقة، أعرب فيها عن خالص تعازيه وصادق مواساته في ضحايا السيول والأمطار الغزيرة التي شهدتها السلطنة في الآونة الأخيرة، متمنياً سموه الشفاء العاجل للمصابين، داعياً الله تعالى أن يحفظ السلطنة من كل مكروه.
كما قدَّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، التعازي إلى أخيه جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، إثر السيول التي راح ضحيتها طلاب عمانيون. وقال سموه في تغريدة على منصة «X»: «خالص تعازينا لأخي جلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان.. ولأهل عمان.. ولجميع طلاب العلم في عمان في وفاة طلاب المدرسة في محافظة شمال الشرقية نتيجة الحالة الجوية الاستثنائية التي تمر بها السلطنة.. قلوبنا معكم.. ومصابكم مصابنا.. وأبناؤكم أبناؤنا.. رحمهم الله وأسكنهم فسيح جنانه وألهم أهلهم الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون».
في تاريخ الدول كلَّما كانت العلاقات عميقة ومتجذرة، صاحبتْها نتائجٌ ناضجة ومؤثرة من شأنها أن تزيد هذه العلاقات عمقاً وتجذراً. وهذا ما يصبو إليه اليوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان. وتجسيداً لهذا النهج، قال صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، معبِّراً عن خصوصية العلاقات الإماراتية العُمانية وعمقها التاريخي: «الإمارات وعُمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخاً وقوة ومحبة».
ولعل أحد المشتركات الأكثر أهمية في اللحظة الراهنة هو السعي المشترك لدعم كل ما يساهم في دعم استقرار المنطقة والحفاظ على أمنها، بعد الأحداث الأخيرة في كل من غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران. هناك رؤية مشتركة واضحة بين البلدين الشقيقين، قوامها ضرورة العمل على نشر السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم ككل، وذلك بتوسيع مظلة الحوار الدبلوماسي وشمولها، ولو تطلب الأمر وقتاً طويلا، فالصبر على عثرات الدبلوماسية أفضل من الاستمرار في حروب عبثية لا نفع من ورائها ولا تجلب سوى المزيد من الدمار على طرفي الصراع. 
وبقراءة سريعة في موقف دولة الإمارات إزاء الأحداث والتطورات الإقليمية الأخيرة، نرى سعياً حثيثاً من جانبها لإبعاد الإقليم عن منطقة الخطر، ولدرء الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار، وللحفاظ على أمن الدول العربية عامةً، والحيلولة دون اتخاذها مسرحاً لتصفية الحسابات. كما نرى التزاماً واضحاً من جانب الدولة بنهج الخط الدبلوماسي وبمبادئ الشرعية الدولية في كل التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها، والعمل من خلال ذلك على إيقاف الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر على غزة، حيث أدانت الإمارات منذ اليوم الأول تلك الحرب، وكذلك فعلت سلطنة عُمان.‬
‫لسنا هنا بصدد حصر كل المواقف المشتركة مِن مختلف القضايا، فما يجمع الإمارات وعُمان أكبر وأوسع من ذلك بكثير، وقد جمعه كلَّه صاحبُ السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في مقولته الشهيرة بمناسبة اليوم الوطني العماني، حيث قال: «عُمان منّا ونحن منهم».

*كاتب إماراتي