نحن في مرحلة التحضير لأهم انتخابات تجرى في نصف الكرة الشمالي هذا العام. فمن المقرر أن يتوجه البرازيليون الشهر القادم لصناديق الاقتراع لاختيار محافظين جدد وتشكيل مجالس تشريعية في كل من ولايات البلاد الـ 27؛ وكل أعضاء مجلس النواب في الكونجرس وعددهم 513؛ ونحو ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، والأهم من ذلك، رئيس جديد. ومن المقرر إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 7 أكتوبر. وفي الوقت الحالي، هناك سياسي واحد من المتوقع أن يتأهل للجولة الثانية من الانتخابات والتي تضم مرشحين. هذا السياسي هو«جاير بولسونارو»،63 عاماً، وهو قومي يميني متشدد يعكس صعوده صعود الشعبويين اليمينيين في جميع أنحاء الغرب. لقد عانت البرازيل لسنوات من الاضطرابات: حيث تسببت فضيحة فساد كبرى في توجيه اتهامات رئاسية وخلافات سياسية متلاحقة. وتسببت الفوضى الاقتصادية في حدوث ركود وتردي الملايين من البرازيليين في الفقر. وفي الوقت نفسه، ارتفعت معدلات الجريمة.
ولكن بالرغم من تصاعد الغضب العام وموجات الاحتجاجات الجماهيرية التي ضربت المدن الكبرى، لم تحدث تغييرات كبيرة. وفي حين أن بعض السياسيين في المؤسسة أصبحوا الآن في السجن، فإن عشرات الآخرين المتورطين في مزاعم بالفساد ربما يعاد انتخابهم ليحصلوا على مقاعد في الكونجرس. وقد وجد استطلاع للرأي أجري العام الماضي أن 13% فقط من البرازيليين كانوا راضين عن ديمقراطيتهم.
وأعطت هذه الخلفية بولسونارو، وهو قائد سابق في الجيش أمضى معظم حياته العملية على هامش السياسة، لحظته من التألق. وكما هو الحال مع ترامب، قام بولسونارو بتنظيم حركة استياء واسعة النطاق لبناء حركة مناهضة للمؤسسة. ووعد أيضاً بالقيام بإصلاحات شاملة، بما فيها خصخصة الشركات الكبرى المملوكة للدولة –في الوقت الذي يقدم فيه الدعم لقاعدة من الناخبين المحافظين اجتماعياً، وخاصة كتلة مؤثرة من المسيحيين الإنجيليين. وسعت حملته، على الأقل بشكل غير رسمي، إلى الحصول على مشورة مستشار ترامب السابق «ستيف بانون». ورحب «بولسونارو» نفسه بمقارنته بالرئيس الأميركي، الذي يشيد به لأنه تحدى «الصواب السياسي» والنخبة «الإعلامية الفاسدة».
وينظر أنصار «بولسونارو» إليه على أنه «مسيح» سيجعل البرازيل عظيمة مرة أخرى. وهناك آخرون غير مقتنعين به. وقد وصفته قصة الغلاف لمجلة الإيكونيميست بأنه «أحدث تهديد لأميركا اللاتينية».
وبعد نجاته من حادث طعن قبل أسبوعين، قال المرشح الرئاسي «ما هو على المحك ليس مستقبلي. فنحن نعيش في وقت يتعرض فيه مستقبل أكثر من 200 مليون برازيلي للخطر».
وفي الوقت نفسه، يشير منتقدو «بولسونارو»، وهم كُثُر، إلى الجانب الخطير في سياسته. فقد حكمت المحكمة العليا البرازيلية مؤخراً بأنه لا يتعين عليه المثول أمام المحكمة بسبب تصريحات أدلى بها خلال خطاب ألقاه في 2017، حيث قال إن «أعضاء المستوطنات الريفية التي أسسها أحفاد العبيد، الذين يطلق عليهم كويلومبولا «لا يصلحون حتى للإنجاب»، بحسب ما أوردت أسوشتيد برس. كما تحدث أيضا عن وزن هؤلاء العبيد باستخدام مقياس يستخدمه المزارعون البرازيليون لوزن الحيوانات».
ولكن ما زال يتعين على بولسونارو المثول أمام المحكمة بسبب اتهامات بالافتراء والتحريض على الاغتصاب، والتي تعود لواقعة حدثت عام 2014 عندما هاجم عضوة في كونجرس ذات ميول يسارية، قائلاً إنه لن يغتصبها لأنها قبيحة «ولا تستحق ذلك»، كما أن «بولسونارو» معروف بمناهضته للمهاجرين الذين وصفهم بأنهم «حثالة»، واقترح بيع أراضي البرازيليين الأصليين. ولم يكن من المستغرب أن ينظر مؤيدو بولسونارو إلى خطابه المهين باعتباره يستهدف الطبقة السياسية الفاسدة.
ويصطف ضد«بولسنارو» فريق من المتنافسين من الوسط ويسار الوسط. وأحد المعارضين المحتملين في الجولة الثانية هو «فيرناندو حداد»، العمدة السابق لمدينة «ساو باولو»، وأحد الشخصيات الرئيسة داخل «حزب العمال» ذي الميول اليسارية. وكان الرئيس السابق «لويس إيناسيو لولا دا سيلفا» هو الذي حث «حداد» على الترشح. وتثير المواجهة بين «بولسنارو» وحداد احتمال حدوث صدام مرير بين اليسار واليمين..
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»