يحب الرئيس الفرنسي الشاب والطموح «إيمانويل ماكرون» الحديث عن معدلات المواليد في أفريقيا. ففي صيف 2017، أجاب عن تساؤل حول السبب في أنه من غير الممكن تطبيق خطة «مارشال» في أفريقيا، بوصفه مشكلات القارة بـ«الحضارية»، وألمح إلى أن الدول الأفريقية بها معدلات «سبعة أو ثمانية أطفال لكل امرأة». وقد هاجم البعض هذا التصريح باعتباره عنصرياً، لكن آخرين دافعوا عنه، باعتباره واقعية صعبة حول اقتصاديات التنمية. ومن الواضح أن «ماكرون» شعر بارتياح تجاه ما قاله، لأنه عاد للتعبير عن الفكرة مجدداً الشهر الماضي في مؤتمر مؤسسة «جيتس». (و«بيل جيتس» نفسه طالما تحدث أيضاً عن الحد من الزيادة السكانية، والتنمية في أفريقيا). وأوضح الرئيس الفرنسي أمام «فاعلي الخير» المجتمعين: «أروني امرأة متعلمة ولديها سبعة أو ثمانية أو تسعة أطفال».
لكن هذه المرة جاءت ردود الفعل من النساء على وجه الخصوص، فنشرت «كاثرين باكالوك»، الأستاذة بالجامعة الكاثوليكية الأميركية، صورة لـ6 من أبنائها الثمانية على موقع «تويتر» تحت وسم: «انشروا الصور لماكرون»، وسرعان ما تدفقت صور نشرتها نساء يحملن درجة الدكتوراه لأطفالهن الكثيرين.
ونظراً لأني من أنصار زيادة المواليد، فإني متعاطف تماماً مع الأمهات الغاضبات من ماكرون، لكن من منظور توصيفي، أعتقد أن الرئيس الفرنسي محق. فما تحدث عنه هو قانون «تاريخ دول شرق وغرب آسيا المعاصر» (وسنطلق عليه بعد ذلك قانون ماكرون)، أي أنه مع الثروة والتعليم تتراجع معدلات المواليد تراجعاً كبيراً. ويسلط وجود نماذج استثنائية بين الحين والآخر الضوء على مدى استثنائية هذه النماذج فحسب.
وهذا التراجع الشديد في المواليد حدث مع، ومن دون وسائل للسيطرة على المواليد، ولأن الجهود الغربية لخفض معدلات المواليد في الدول النامية تحولت إلى جهود غير إنسانية، بل وربما عنصرية، خلال العقدين الماضيين. فلماذا تعود إذن للمناقشة من جديد؟
لثلاثة أسباب: لأن معدلات المواليد في أفريقيا لم تتباطأ بالسرعة التي كان يتوقعها الخبراء في الغرب، ولأن التوزيع الديموغرافي في الغرب يتبع «قانون ماكرون» بدرجة مميتة، ولأن القادة الأوروبيين لم يعودوا متفائلين بشأن استيعاب المهاجرين كما كانت الحال قبل بضعة أعوام مضت.
وفي عام 2004، توقعت الأمم المتحدة أن تعداد سكان أفريقيا سيناهز ملياري نسمة بحلول عام 2100. أما الآن، فتتوقع أن يصل 4.5 مليون نسمة بدلاً من ذلك. وهذا التغيير في اتجاه التوقعات هو على الأرجح نتيجة النمو الاقتصادي البطيء أكثر من كونه دليلاً على استثناء لقانون ماكرون، وإن كان يفتح الباب أمام احتمال أن تصبح أفريقيا ذلك الاستثناء، لكن مهما كان التفسير، فإنه بحلول نهاية القرن، قد يصبح 2 من كل 5 أشخاص على وجه الأرض أفارقة.
ورغم ذلك، وإضافة إلى قسوتها، كانت حملات السيطرة على الزيادة السكانية السابقة غير فعّالة في كثير من الأحيان، لذا من المرجح أن يخفق ماكرون وخلفاؤه إخفاقاً كبيراً في جهودهم الرامية لخفض معدلات المواليد.
ولهذا السبب، ينبغي أن نأمل في مسار مضاد يبدأ فيه الأوروبيون أنفسهم إنجاب مزيد من الأطفال. وبالطبع، لم تكن الجهود الحكومية الرامية إلى زيادة معدلات المواليد في الدول الغربية، ومن بينها فرنسا، أكثر نجاحاً من الجهود التي رعتها الدول الغربية لخفض معدلات المواليد في مناطق أخرى من العالم، غير أن التركيز على زيادة المواليد الأوروبية له ميزة أخلاقية على الأقل مقارنة بتوجيه ماكرون أصابع الاتهام للإنجاب في أفريقيا: وهو أنه جزء من المستقبل الذي يستحق الأوروبيون السيطرة عليه حقيقة!

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»