جاء استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يوم الجمعة الماضي، في قصر الشاطئ، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، ثم استقباله والوفد المرافق له من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مساء يوم السبت، ليؤكد الأهمية التي توليها الإمارات لجهود مكافحة الجوع والفقر حول العالم، من خلال شراكات مع المنظمات الدولية والأممية والخيرية.
حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تكثيف جهودها ومبادراتها الإنسانية والخيرية والإنمائية الخاصة لمصلحة الدول والمجتمعات المحتاجة، وعملها مع المؤسسات الدولية على تنفيذ برامج فعالة وسريعة للتخفيف من معاناة المتأثرين والمتضررين من الشعوب والفئات في مختلف مناطق العالم. وقال سموه إن العطاء والتضامن الإنساني نهج أصيل ومبدأ ثابت تقوم عليه سياسة الدولة، وإحدى ركائزها الأساسية الراسخة منذ نشأتها، مشدداً سموه على دعم الإمارات الجهود الدولية كافةً لمواجهة الأزمات الإنسانية المتفاقمة.
والبرنامج العالمي للغذاء، ومقره الرئيس في العاصمة الإيطالية روما، وبمكاتب تابعة له في 80 دولة حول العالم، هو أحد منظمات الأمم المتحدة المعنية بتوفير المساعدات الغذائية، بل هو أكبر المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الجوع وتوفير الأمن الغذائي. فحسب البيانات والإحصاءات الصادرة عن المنظمة الدولية، يوفر البرنامج العالمي للغذاء مساعدات غذائية لـ80 مليون شخص سنوياً في المتوسط، في 76 دولة حول العالم.
ويتم تمويل البرنامج الذي أسس عام 1961، عبر التبرعات من حكومات العالم، ومن الشركات الكبرى والمؤسسات التجارية متعددة الجنسيات، ومن الأفراد أيضاً. ففي عام 2016 مثلاً، تلقى البرنامج قرابة ستة مليارات دولار من التبرعات من مصادر مختلفة، مليارَا دولار منها من الولايات المتحدة، ثم 894 مليون دولار من المفوضية الأوربية، و884 مليون دولار من ألمانيا، بينما تبرعت الشركات والأفراد بحوالي 500 مليون دولار. ويتميز البرنامج بانخفاض مصاريفه الإدارية، والتي لا تزيد على 7 في المئة، ما يجعل المصاريف الإدارية للبرنامج العالمي للغذاء هي الأقل على الإطلاق بين منظمات الإغاثة، حيث يذهب السواد الأعظم من التبرعات إلى المحتاجين، بسبب كفاءة النظام الإداري للبرنامج وفاعليته.
ومن منظور المساعدات الإنسانية، ومنظور السياسة والعلوم الاجتماعية، يُعرّف الجوع على أنه الحالة التي لا يمكن للشخص –خلال فترة طويلة- الحصول على القدر الكافي من الطعام الكفيل بسد احتياجاته الغذائية الأساسية. وهو ما يختلف عن مفهوم سوء التغذية من المنظور الطبي، والذي يشمل نقص كمية الطعام وزيادة كميته عن الاحتياجات الطبيعية، أو انخفاض نوعيته. ومن الممكن إدراك جوانب الوضع العالمي، على صعيد الجوع ونقص التغذية، من خلال المؤشر العالمي للجوع (Global Hunger Index) والذي أطلقه الباحثون في «المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية» بالولايات المتحدة، وهو عبارة عن أداة إحصاء متعددة المقاييس، تستخدم لوصف حالة الجوع داخل 120 دولة حول العالم، وتوظف لقياس مدى التقدم المحرز -أو الإخفاقات- في الحرب على الجوع، وهو ما يتم تحديثه بشكل سنوي. ويصنّف المؤشر الدول المختلفة على مقياس درجات من صفر إلى 100، حيث يعتبر الصفر هو الأفضل (لا يوجد جوع بالمرة)، بينما تعتبر درجة 100 هي الأسوأ على الإطلاق.
وبخلاف جهود البرنامج العالمي في مكافحة الجوع، يعمل البرنامج بشكل موازٍ على توفير الأمن الغذائي للدول والمجتمعات الفقيرة ومتوسطة الدخل، والذي يمكن تعريفه على أنه توافر الغذاء بشكل دائم، والقدرة الفردية في الحصول عليه. فمثلاً، تعتبر أسرة ما «مؤمَّنة غذائياً»، إذا كان أفرادها لا يعيشون في حالة من الجوع المزمن، ولا يخشون المجاعة في المستقبل. وبشكل أكاديمي أدق، وحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، يتوافر الأمن الغذائي عندما تتوافر لجميع الأشخاص، وفي جميع الأوقات، القدرة على نيل قدر كافٍ من الغذاء الآمن، وبدرجة تمكنهم من استيفاء متطلباتهم الغذائية، وتلبي اختياراتهم الشخصية، ما يمكنهم من الحياة الطبيعية الصحية. ونلاحظ هنا أن تعريف «الفاو»، لم يكتفِ بتوافر الاحتياجات الغذائية لجميع الأشخاص في جميع الأوقات، بل تطلب أيضاً أن تلبى تلك الاحتياجات من خلال أغذية يفضلها المرء، بناءً على خلفيته الثقافية والعرقية والدينية، وبشكل لا يقتصر على توفير حياة صحية فقط، بل حياة طبيعية يملؤها النشاط والسعادة.