غيَّر دونالد ترامب حول العالم السياسة في ثلاث طرق عملاقة. أولاً، قاموا بسرد رواية مختلفة. وتتمثل قصتهم الأساسية في أن الناس الطيبين المهذبين الذين يعيشون في البلاد مهددون من قبل المهاجرين، والأجانب وغيرهم من الدخلاء، بينما لا تفعل النخب الفاسدة أي شيء.
ثانياً، قام ترامب بإلغاء المعايير التقليدية بالنسبة للكيفية التي يجب أن يتصرف بها القادة، واستغل انشقاقات المجتمع الأميركي. ثالثاً، الدخول في محادثة جديدة. في القرن العشرين كان الجدل الكبير يدور حول الحكومة الكبيرة في مقابل الحكومة الصغيرة. والآن، كما لاحظ الكثيرون، فإن لب النقاش يدور حول ما هو منفتح مقابل ما هو منغلق. فهل تفضلون الانفتاح الأساسي والتنوع والتعددية، أم أنكم تحبذون القومية العرقية المنغلقة؟
على طول الطريق، كان ترامب يتحدى الهوية الأساسية لأميركا كأمة مهاجرين. كما تحدى النظام الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وباختصار، قام ترامب وغيره بتغيير الحزب «الجمهوري». هذه الانتخابات النصفية المقبلة هي أول فرصة لـ«الديمقراطيين» لمقاومة الحزب «الجمهوري» الذي يطغى عليه ترامب بالكامل. إنها فرصة رائعة لإعادة تنظيم الناخبين، بما أن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار أن النسبة المئوية من البلاد التي تقبل قومية ترامب العرقية تتراوح في الأربعينات. إذن كيف استجاب «الديمقراطيون» في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ؟ من جانبه، أشار «جي بي بويرسك»، من لجنة العمل السياسي للأغلبية في مجلس الشيوخ والمتحالفة مع «الديمقراطيين»، لشبكة «سي. إن. إن» إلى أن «القضايا الثلاث الرئيسة هذا العام تتمثل في الرعاية الصحية والرعاية الصحية والرعاية الصحية».
وقد قام مشروع «ويسليان ميديا» مؤخراً بمسحٍ للمشهد السياسي، وخرج بتقرير بعنوان «2018: انتخابات الرعاية الصحية». وخلص هذا التقرير إلى أن غالبية الإعلانات السياسية المؤيدة لـ «الديمقراطيين» تدور حول الرعاية الصحية. كما أن 61% من الإعلانات المؤيدة لـ «الديمقراطيين» في سباقات مجلس النواب الأميركي كانت أيضاً تدور حول الرعاية الصحية.
المرشحون «الديمقراطيون» يركزون على هذه النقطة نفسها في مناقشاتهم. وقد حاول «الجمهوريون» انتزاع التغطية للظروف السابقة. فالملايين من الأسر تعاني التغطية التأمينية غير الكافية. فإذا كنت تحاول الفوز بصوت متأرجح في ولاية أريزونا، فإن هذه تكون من القضايا الأساسية التي تخاطبها.
لكن الحملة «الديمقراطية» غير كافية للحظة الحالية. فهي لا تقدم أي انتقادات لترامب، ولا توجد قضية أخلاقية كبيرة حول سلوكه، ولا حجة موحدة ضد خطر القومية العرقية. وفي السياسة لا يمكنك هزيمة شيء بلا أدوات. لقد غاب عن «الديمقراطيين» الفيض الترامبي لأنه بينما كان المجتمع منقسماً إلى قبائل ثقافية، أمضوا الفترة من 2008 -2016 وهم يركزون على الرعاية الصحية. والآن وقد حدث هذا الفيض، فإنهم ما زالوا يركزون على الرعاية الصحية.
والأسوأ من ذلك، أن الاستراتيجية «الديمقراطية» ببساطة تعيد إحياء قائمة الخطط للفترة من 1980-2008. وتتمثل هذه في وعود الإنفاق «الديمقراطية» في مقابل التخفيضات الضريبية «الجمهورية»، وهذه الحجة الأرثوذوكسية المألوفة تدفع اليسار واليمين مرة أخرى إلى فئاتهم العادية. وهي تدمر أي إمكانية لإعادة التجميع.
لقد تعلمنا بعض الأمور عن الحزب «الجمهوري»، أولاً، أنه لا يزال حزباً مادياً في المقام الأول. والتحدي الترامبي هو في الأساس تحدٍ أخلاقي وثقافي. لكن «الديمقراطيين» يشعرون بالراحة في الغالب وهم يتحدثون عن كيفية استخدام الإنفاق الفيدرالي لتوسيع المنافع. ويريد بعض «الديمقراطيين» إنفاق الكثير على (الرعاية الطبية للجميع، والتعليم الجامعي المجاني)، ويريد البعض إنفاق أقل من ذلك، لكن غريزتهم الأساسية هي أن المشاكل الوطنية يمكن معالجتها بمزيد من الإنفاق الفيدرالي. وغريزتهم السياسية الأساسية هي أنك تفوز بالأصوات من خلال تقديم فوائد مادية.
ثانياً، تعلمنا أنه عندما يثير «الديمقراطيون» نقاشاً أخلاقياً، فهو يميل إلى أن يكون عن العدالة الاجتماعية. والحجة الأساسية في هذا الوضع هي أن الهياكل القمعية للمجتمع تهمش المرأة والأقليات. وبات من الواضح الآن أن «الجمهوريين» أفضل في تسييس القضايا الثقافية، وأن «الديمقراطيين» أفضل في تقديم فوائد اقتصادية لهؤلاء الذين يكافحون.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»