انتشر مؤخراً فيديو لكنديين أمام متجرٍ للحشيش بعد أن شُرِّع استهلاكه هناك لأغراض الترفيه، كما في هولندا، وألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال، وولاياتٍ أميركية، مع استعداد دول أخرى لترخيص تعاطيه، ليبرز السؤال حول إغراء التقليد أو فضول التجربة الذي قد يقع فيه بعض الشباب في دول ترخّص ذلك، وهي من الوجهات المفضّلة للسيّاح والطلبة، وقد يتصوّر بعضهم أن امتناع محاكم الدولة عن محاكمة الإماراتي إذا عاد وقد ارتكب في الخارج فعلاً غير معاقب عليه بموجب قانون البلد الذي وقع فيه، كما تقضي بذلك القاعدة العامة، سيجعله في مأمن من المساءلة الجنائية في الدولة، خصوصاً أنّ التعاطي جريمة وقتية تنتهي بارتكابها.
ومن وجهة قانونية صرفة، وفيما يتعلق بمن يحمل جنسية الدولة فقط، إذ من لا يحملها له أحكام أخرى في مسألة التعاطي خارج الدولة، من المؤكد أنه لا يكفي، لمنع مساءلة الإماراتي عن تعاطيه خارج الدولة، أن تغضّ سلطات ذلك البلد الطرف عن المتعاطين، أو أن تكون ظاهرة التعاطي منتشرة هناك، بل لابدّ أن يكون التعاطي مرخّصاً بموجب قانون، وأن تكون المادة المتناولة هي نفسها المادة المرخّصة، نوعاً وكمّاً والسنّ المسموح لتعاطيها. وقد يتطلب الحكم بعدم اختصاص محاكم الدولة بمعاقبة ذلك المتعاطي، أن يقدّم للمحكمة قانون تلك الدولة مترجماً ومصادقاً عليه.
والأمر الآخر، أن أفراد مكافحة المخدرات ليسوا معنيين بقوانين الدول الأخرى، فالقضاء هو الذي يفصل في مصير المتعاطي خارج الدولة، ليخضع من ثمّ لكافة الإجراءات المعتادة من قبض وتفتيش وفحص وحبس وحجز جواز السفر، مع ما يترتب على ذلك من إيقاف عن الدراسة، أو وقف عن العمل، ومنع من السفر، فضلاً عن الشبهات التي ستلاحقه بعد ذلك، خصوصاً إذا جلب معه شيئاً مما جرّبه في الخارج، لينقلب وضعه رأساً على عقب، إذ الحيازة جريمة مستمرة، على عكس التعاطي الذي لا يؤثر استمرار أثر فعله في تكييفه القانوني.
صحيح أن رجل السلطة لا يقبض على أي مسافر هكذا، بل لابدّ أن تكون آثار التعاطي بادية عليه، ومع ذلك فقد يتعرّض لأي موقف، سواء في الطائرة أو المطار، ويُطلب منه إعطاء عينة لفحصها، ورفض إعطاء العينة جريمة بحدّ ذاته. أما إذا دخل الدولة بشكل عادي، ثم حدث أن تعرّض للفحص، سواء بعد الاشتباه به، أو عقب حادث، أو لدواعي العمل أو الدراسة، فلن يكون في وسعه هذه المرة التمسّك بأنه تناول في الخارج المادة التي احتوت عليها عينته. ولو جلس «يضبط» آخر تجربة تعاطي بساعة وصوله، لئلا تظهر به المادة لو تعرّض للفحص، فغالباً لن يفلت بفعلته، لأن هذه المادة قد تبقى لمدة أربعة أيام، أو مدة شهرين، ويعتمد هذا على كمية ونمط التعاطي، وهذا خارج حدود علم الشخص العادي.
هذا التوجّه العالمي نحو «التسامح» مع الحشيش قد لا ينتهي بنهاية سعيدة لمن يقع ضحية ذلك، والأولى ألا يستسلم المرء لإغراء التعاطي في دولة تبيح هذا الفعل، ثم يتحوّل إلى قانوني يغوص في القوانين، وخبير سموم يفتش في مكوّنات هذه المواد، ويعود إلى بلاده يقدّم رجلاً ويؤخّر أخرى.