خصص منتدى «الاتحاد» الثالث عشر، والذي عقد مؤخراً في العاصمة أبوظبي لموضوع «صورة الإمارات في الإعلام»، حيث يصادف عقد المنتدى لهذا العام الذكرى المئوية لمولد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو ما استوجب ربط دور التطور الإعلامي الذي شهدته دولة الإمارات بالأسس التي وضعها الشيخ زايد الذي أدرك منذ البداية الدور التوعوي والتنموي للإعلام، حيث أمر الراحل الكبير بتأسيس جريدة الاتحاد عام 1969، لتكون صوت اتحاد الإمارات الذي تأسس في الثاني من ديسمبر عام 1971.
الأسس التي وضعها زايد شكّلت أرضية قوية لتطوير الإعلام الإماراتي، وبالأخص في الوقت الحاضر المتميز بثورة المعلومات والإعلام، تلك العلاقة التي أخذت أبعاداً متعددة، بما فيها اقتصادية، إذ يلاحظ في الآونة الأخيرة اشتداد الحملة الإعلامية من أطراف إقليمية ودولية عديدة، وبالأخص قطرية وإيرانية لسحب البساط الاقتصادي من دولة الإمارات، بقلب الحقائق، وتقديم صورة مشوهة للأوضاع الاقتصادية في الدولة.
يدرك جيداً من يقوم بشن حملات التشويه أن دولة الإمارات تحولت في العقود الماضية إلى أهم مركز تجاري ومالي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، بل إن هذه المراكز اكتسبت طابعاً عالمياً، إضافة إلى دورها الرائد في النقل الجوي، واستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات، مما حدا بهم إلى التركيز على هذه الجوانب بالذات، فحملة التشويه تقول، إن المراكز التجارية خاوية، وإن المؤسسات المالية تعاني، وإن المطارات والطائرات فارغة، وإن رؤوس الأموال تُهرب، وأن المشاريع تُلغى... إلخ من فبركات إعلامية ترمي إلى سحب البساط، ونقل المركزين التجاري والمالي بالذات إلى منطقة أخرى.
ذلك يوضح خطورة العلاقة بين الإعلام، والإعلام الرقمي من ضمنه، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، وبين التنمية التي أضحت معولمة بصورة غير مسبوقة، فالمستثمرون على إطلاع وتواصل مع وسائل الإعلام، بل إن بعضهم يتأثر بسرعة ودون دراية كافية بالأوضاع الاقتصادية في هذا البلد أو ذاك، إلا أن الحقائق سرعان ما تتكشف لتتضح الصورة الحقيقية، ففي حالة الإمارات على سبيل المثال، هناك دورة اقتصادية محلية وعالمية، فتراجع القطاع العقاري على سبيل المثال ظاهرة عالمية لم تستثن منها أية دولة في العالم تقريباً، بما فيها بعض المدن التي نادراً ما تتراجع فيها الأسعار، بل إن أسعار العقارات في العاصمة القطرية الدوحة نفسها تراجعت بصورة ملحوظة في الأشهر الماضية. بالتأكيد النسب تتفاوت بين بلد وآخر، بل بين مدينة وأخرى ضمن البلد الواحد، ففي بريطانيا كانت نسبة الانخفاض في العاصمة لندن أقل من مثيلاتها في المدن البريطانية الأخرى، وهو ما ينطبق على المدن الإماراتية أيضاً.
وبجانب أنها ظاهرة عالمية، فإن العلاقة بين العرض والطلب تلعب دوراً محورياً في نسب الانخفاض، وهذه مسالة يحكمها قانون العرض والطلب، الذي يرتبط بدوره بعوامل اقتصادية واجتماعية عديدة، لذلك، فإن الشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة، والتي يعمل لديها متخصصون مهنيون على درجة عالية من التأهيل لا تنطلي عليهم أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الموجه، إلا أن ذلك لا يعني إهمال هذا الجانب، بل على العكس لا بد من تكثيف الاهتمام به لإبراز الحقائق وتوضيحها، فالانخداع في ظل الإعلام الرقمي، وثورة المعلومات أسهل كثيراً من السابق، كما أن سرعة إيصاله وتأثيره لا تُقارن، مما يتطلب تخصيص الموارد، وإعداد المستلزمات البشرية والتقنية للمحافظة على المكاسب وتعزيزها، وقطع الطريق أمام الإعلام المعادي الذي يحاول الإساءة للإنجازات، وبالأخص الاقتصادية، من خلال التخويف والتحريف المبرمج.
لقد شكل منتدى الاتحاد الثالث عشر مناسبة لإبراز دور مؤسس الاتحاد واهتمامه منذ البداية بالعلاقة ما بين الإعلام والجوانب الأخرى، بما فيها التنموية وبين المحافظة على المكاسب ،والدفاع عنها، وتعزيزها وتأكيد وجهها الحقيقي.