غرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة الماضي، على تويتر بنشر صورة له كتب عليها «العقوبات قادمة»، في إشارة إلى بدء المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران والتي ستدخل حيز التنفيذ اليوم الاثنين 5 نوفمبر، وتغطي عمليات الشحن وبناء السفن والتمويل والطاقة. وسيتم وضع أسماء أكثر من 700 فرد على قائمة العقوبات، بالإضافة إلى البنوك الكبرى ومصدري النفط وشركات الشحن. وكانت واشنطن قد حددت طلبات، على إيران الاستجابة لها من أجل رفع العقوبات. ويشمل ذلك إنهاء دعمها الإرهاب وتدخلها في سوريا، فضلاً عن وقف تطوير الصواريخ النووية والباليستية بشكل كامل.
وكانت الولايات المتحدة قد أعادت فرض العقوبات بعد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، والذي قال إن الاتفاقية فشلت في وقف النشاطات النووية الإيرانية «ولم تعرقل برنامج الصواريخ ولم تعارض نشاطاتها الإرهابية». وأعادت واشنطن فرض العقوبات تدريجياً بدءاً من مايو الماضي، لكن العقوبات الجديدة هي الأهم والأخطر، لأنها تستهدف القطاعات الأساسية للاقتصاد الإيراني، وتشمل معاقبة الدول الأخرى التي تتعامل مع إيران، مع استثناء ثمان منها لا تستطيع وقف استيراد النفط الإيراني على الفور، حيث تم منحها إعفاءات شريطةَ التخفيض التدريجي لوارداتها من إيران وصولاً إلى وقفها كلياً.
وفي محاولة لمواجهة التغييرات التي سيفرضها تفعيل العقوبات في المرحلة الثانية، لجأت إيران في خطوة متأخرة نسبياً إلى تعديل وزاري للمجموعة الاقتصادية في الحكومة، حيث أقر البرلمان تعيين الأكاديمي «فرهاد دج بسند» وزيراً للاقتصاد والمالية، كما وافق على تعيين وزير الصناعة محمد شريعتمداري الذي سيغادر منصبه لتولي حقيبة وزارة العمل، فيما سيشغل محمد إسلامي وزارة التنمية العمرانية والطرق، ويشغل رضا رحماني منصب وزير التعدين والتجارة.
ويأتي ذلك التغيير الوزاري في وقت يواجه فيه الاقتصاد الإيراني صعوبات متزايدة بسبب العقوبات الأميركية، فيما يرى محللون أن هذه الخطوات الإيرانية، الهادفة للالتفاف على العقوبات، لن تكون مجدية في تخفيف الصدمة على القطاعات الاقتصادية المعرّضة لخطر الانهيار في وقت يتوقع أن تشهد فيه العملة الوطنية انهياراً جديداً.
وفي خطوة لتجنّب العقوبات، كانت طهران قد لجأت إلى محكمة العدل الدولية، قائلة إن الحظر التجاري الأميركي يخرق معاهدة تجارية دولية موقعة في عام 1955 تتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين إيران والولايات المتحدة، وهي اتفاقية تمنح محكمة العدل الدولية حق الحكم في الخلافات بين البلدين، فأصدرت المحكمة في مطلع أكتوبر الماضي حكماً تطالب فيه الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات الجديدة التي فرضتها على إيران بعد انسحابها (واشنطن) من الاتفاق النووي العام الماضي. وقالت المحكمة إن العقوبات تؤثر على المساعدات الإنسانية والأدوية اللازمة، وطالبت واشنطن بالتأكد من أن إيران تستطيع استيراد الغذاء والدواء دون أن تمنعها العقوبات الأميركية من ذلك. وردت الولايات المتحدة بالقول إن المحكمة لا تملك صلاحية البت في موضوع كهذا، لأنه يطال الأمن القومي الأميركي، وأنها تراعي بالفعل إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى إيران.
وعوداً على بدء ورداً على طريقة ترامب الاستعراضية بقوله «العقوبات قادمة» على طريقة المسلسل الشهير «Game of thrones» (حرب العروش)، نشر حساب قاسم سليماني قائد فيلق القدس صورةً كتب عليها: «سأقف في مواجهتك» (I will stand against you) فيما يبدو خطاباً استعراضياً للاستهلاك المحلي الإيراني، وكدلالة على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في السياسة الدولية.. لكن الدعاية السياسية الإيرانية لن تقف في وجه العقوبات القادمة.

*كاتبة إماراتية