تعرض قرار نتنياهو بقبول التهدئة واتفاق للهدنة مع غزة يوم الثلاثاء الماضي لانتقادات حادة من دوائر إسرائيلية عديدة شملت بعض الوزراء في حكومته. جاء الخبر الرئيسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوم الأربعاء الماضي يحمل العنوان التالي: وزراء كبار يقولون نتنياهو حبسنا في المجلس الأمني الوزاري المصغر وطبخ اتفاقية وقف إطلاق النار. لقد لقي هذا العنوان تعزيزاً من مكتبي وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان ووزير التعليم «نفتالي بينت»، واللذين أكدا أنهما لم يوافقا على قبول إطلاق النار، وأن كل ما يتردد عن موافقتها غير صحيح.
كان المجلس الوزاري الأمني المصغر قد اجتمع لمدة سبع ساعات للنظر في المعارك الدائرة مع غزة، وينسب تقرير صحيفة «يديعوت أحرنوت» المذكور لبعض الوزراء قولهم إن رئيس الحكومة قام بهندسة النقاش لكى يستطيع الوصول إلى المخطط الذي كان مهتماً به منذ البداية، وهو وقف إطلاق النار، وأنه حاول أن يخلق انطباعاً بأن جميع الوزراء أبدوا موافقتهم خوفاً من أن يلحق بنفسه ضرراً سياسياً. من جانبه رد مكتب نتنياهو على هذه الأقوال من جانب بعض الوزراء بالقول إن جميع الوزراء قد عبروا عن رأيهم بشكل حر، وأن كل شيء مسجل وموثق غير أن يوم الأربعاء انتهى بقنبلة استقالة وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان من منصبه بعدما وصف اتفاق الهدنة الذي قبله نتنياهو بأنه «استسلام للإرهاب».
من ناحية أخرى، يتبين من التقارير الصحفية أن الأجهزة الأمنية هي التي قادت أثناء الاجتماع المذكور الاتجاه للاستجابة للوساطة المصرية بالعودة إلى مخطط التهدئة على قاعدة أن الهدوء سيقابل بمثله وأنه في نهاية الاجتماع تقرر من دون تصويت قبول توصية جميع رؤساء الأجهزة الأمنية في هذا الشأن.
نحن إذن أمام حالة خلافية داخل المجلس الأمني الوزاري المصغر، حيث يطالب بعض الوزراء بعدم الموافقة على التهدئة والقيام بعمل عسكري حاسم على غرار عملية «الجرف الصامد» عام 2014 بينما يفضل نتنياهو والأجهزة الأمنية وسائر الوزراء تجنب «الحرب غير الضرورية».
إذا راجعنا المشهد قبل اندلاع الجولة الأخيرة من القتال، سنجد أن اتساع المعركة لم يكن ضرورياً للطرفين بالفعل فقد كان هناك استعداد حكومي في إسرائيل لقبول التهدئة من جانب «حماس» وقيامها بتخفيض حدة مظاهرات العودة على السياج الحدودي مقابل السماح الإسرائيلي بدخول أموال لدفع رواتب الموظفين المتأخرة وتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة.
سنلاحظ أيضاً أن القتال اندلع وتوسع دون تخطيط من الجانبين نتيجة لانكشاف عملية مخابراتية إسرائيلية في خان يونس يقول الإسرائيليون إنهم عادة ما يقومون بمثلها لأغراض التجسس، حيث تم اكتشاف سيارة مدنية تضم عدداً من الضباط والجنود الإسرائيليين، وحدثت معها اشتباكات أدت لسقوط بعض قادة «حماس» العسكريين وضابط من القوة الإسرائيلية، وأعقبت ذلك سلسلة ردود فعل من الجانبين أدت إلى تصعيد القتال.
يقول «رون بن شاي» المتحدث الرسمي السابق للجيش الإسرائيلي إن الطرفين تعمدا تجنب انفلات التصعيد، وكأن «حماس» والجيش الإسرائيلي يقولان كل للآخر: سنتجنب كذا وكذا، ولذا تجنبت «حماس» قصف المدن الكبرى، وفي المقابل تجنب الجيش الإسرائيلي تنفيذ اغتيالات لقادات «حماس»، وهو ما مكن من الوصول لوقف إطلاق النار.