على رغم من أن انتخاب «ميت رومني» عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي لم يكن مرتقباً، ولم تحظ حملته الانتخابية بقدر كبير من الاهتمام في واشنطن، فإن انتخابه له أهمية كبيرة. فوفاة «جون ماكين» أوجدت فراغاً في الحزب الجمهوري. وقد كان السيناتور الراحل عن ولاية «أريزونا» فريداً من نوعه، غير أن بعض الأصوات الشريفة والحرة يمكن أن تبدأ في ملء الفراغ. ورومني، إن لم يكن مماثلاً لماكين، فإنه يمكن أن يبزغ كصوت قوي ومستقل.
ومن المؤكد أن رومني لن يتخلى عن مبادئه ليثير إعجاب البيت الأبيض، ولن يتم تخويفه من قبل الرئيس ترامب. لكن لا بد أن ننتظر لنرى ما إذا كان رومني يميل إلى أن يبدأ من حيث انتهى السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا «جيف فليك»، الذي أعلن عن تقاعده، أم أن دوره في الحزب سيكون بنّاءً بدرجة أكبر. ويحتاج الحزب الجمهوري إلى أصوات أمينة، ويستحق ترامب قدراً من الانتقاد من داخل حزبه، لكننا نحتاج إلى من يحملون الرسالة من دون مهادنة كتلك التي أظهرها «فليك»، أو الانقياد في الوقت ذاته لوسائل الإعلام ذائعة الصيت.
ويوضّح «رومني» تماماً اللغز الجمهوري تجاه الرئيس دونالد ترامب. ففي عام 2016، كان رومني واضحاً تماماً عندما وجّه انتقادات شديدة ضد ترامب، المرشح الرئاسي آنذاك. لكنه أيضاً فعل الصواب عندما أظهر رغبته في أن يصبح وزير خارجية لترامب؛ إذ لا بد للجمهوريين أن يوازنوا بين قول الصدق وأن يكونوا مفيدين لقضيتهم في الوقت ذاته. وبالطبع، فإن أمراً كهذا ليس بالسهل. لكن ربما يمكن لرومني أن يصبح «مسؤولاً عن علاج» الحزب الجمهوري.
وعلى مدار ستة أعوام في مجلس الشيوخ، سيكون لدى رومني منصة آمنة للعب دور مهم في التحدث نيابة عن كثير من الجمهوريين. وهناك كثير من الناس سيهتمون بمشاهدة كيف يوّجه نفسه ضد إعادة انتخاب ترامب. ولعل كثيرين في الحزب الجمهوري سيرغبون في اقتفاء أثره.
وعندما يحلف رومني القسم العام المقبل، سيمثل إضافة لمجلس الشيوخ، وصوتاً قوياً للحزب الجمهوري في وقت تحتاج فيه الحياة السياسية الأميركية إلى كلا الأمرين. ويمكنه أن يكون وجهاً جمهورياً شريفاً وذا مصداقية بالنسبة لكثير من الناخبين القانطين من ترامب رغم نتائج بعض سياساته الإيجابية والوضع الاقتصادي الجيد. ويمكن أن يوضح رومني ما يعنيه أن تكون جمهورياً في وقت يعاني فيه الأميركيون قدراً متزايداً من الشكوك.
ولم أكن يوماً من مشجعي «رومني»، لكنه سيكون بالتأكيد قوة للخير في الحزب الجمهوري وللولايات المتحدة بأسرها. وعلى الجمهوريين أن يكونوا متلهفين لسماع ما سيتعين عليه قوله وأن يراقبوا عن كثب الملاحظات التي سيدلي بها حول إمكانية استمرار رئاسة ترامب ومصداقيتها، ومخاطر التخندق معها.

*مستشار سياسي ومسؤول سابق في إدارتي ريجان وبوش الأب

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»