تمخضت انتخابات «التجديد النصفي» للكونجرس عن خسارة الحزب «الجمهوري» السيطرة على مجلس النواب، وهذا يعني أن الرئيس دونالد ترامب يتعامل مع فرع من الحكومة لا يسيطر عليه حزبه. ولمؤيدي حكم القانون أن يحتفوا بهذا التغيير، لكن خبرتي بالسياسة التجارية تثير حزني بسبب الطريقة التي دارت بها انتخابات التجديد النصفي. وبناء على ما حدث فمن المرجح بشكل كبير أن تتصاعد حمائية التجارة على مدار العامين المقبلين.
وعلينا أن نتذكر ما فعله ترامب في التجارة حتى الآن، وما يلوح في الآفق، كي تفهوا سبب قولي هذا. فقد كتب «دوجلاس أيروين» مقالاً طليعياً في هذا الشأن في مجلة «فورين أفيرز». وجاء في المقال إن ترامب انسحب من اتفاقية الشراكة عبر الهادئ، وإن هذا القرار «قد يصبح الخطيئة الأولى لإدارة ترامب وسيتعين على إدارة تالية أن تكفر عنها». وجاء في المقال أيضا أن ترامب أعاد التفاوض في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) ليتوصل إلى اتفاق أسوأ بكثير هو اتفاق «أميركا- المكسيك-كندا» وفعل شيئاً مشابهاً في اتفاق التجارة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. ويرى «أيروين» أن هذه الأمور لا تعتبر تغيراً كبيراً لواقع الحال. وفرض ترامب رسوماً طائلة على الواردات. وعلى خلاف توقعات ترامب فقد أدى هذا إلى كثير من ردود الفعل الانتقامية ومن دون أن تحقق أي تنازلات تجارية تقريباً.
وتبنت الولايات المتحدة نهجاً متشدداً للغاية تجاه الصين في عدة قضايا. وهنا اقتبس مقطعاً طويلاً من مقال «أيروين» قال فيه «سأل الخبراء عما عساه أن يكون الهدف الاقتصادي النهائي ورغم أن هناك مناقشات عن تجارة منضبطة تتمثل في وضع قيود صينية محتملة على الصادرات ودعم الواردات من الولايات المتحدة لكن واشنطن تضغط من أجل شيء أكبر، أي حدوث ثورة في النظام الاقتصادي الصيني. وتقليص العجز التجاري مع الصين كان صعباً بما يكفي، لكن التخلص من نظام رأسمالية الدولة في الصين أكثر من مستحيل. أولوية «الديمقراطيين» في العامين المقبلين ستتركز على التصدي لإعادة انتخاب ترامب. وقد يكونون مستعدين لتقديم أي عدد من التنازلات السياسية لتحقيق هذا. وتأييد الحمائية التجارية قد يكون واحداً من هذه التنازلات. والمثير للسخرية أن الحمائية أصبحت أقل شعبية في العامين الماضيين.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»