صدارة الإمارات ليست في الأرقام الأُول لمبادرات ومشاريع التنمية المستدامة على مقاييس دول العالم المتقدم فحسب، إنما هي تصدرت في تقديم أرواح أبنائها وفلذات أكبادها للدفاع عن الحق والشرعية وقيم الإنسانية المهدرة لدى شراذم تحسب نفسها من جملة البشر، وقد تبرأت الإنسانية الحقة من فعالها الأثيمة والمجرمة لدى كل الشرائع الربانية والدولية التي تتصادم مع أبسط حقوق الإنسان التي تشكو من العقوق.
فللإمارات شهداء في اليمن ومن قبل في جزرنا المحتلة من طرف النظام في إيران، ومن سقط منهم في أرض الكويت لؤلؤة خليجنا أثناء غزو صدام لها بعد أن أحسنَّا الظن بحارس البوابة الشرقية للخليج فطعننا في ظهورنا رغم وقوف الخليج معه في حربه مع إيران لثماني سنوات عجاف.
شهداؤنا اليوم يديرون ملحمة قل نظيرها في التاريخ المعاصر، فدماؤهم في اليمن لم ولن تصبح ماء، بل نهراً من العطاء يتدفق لكي يروي محيط الإنسانية.
فليس لدى الإنسان أعز من روحه التي بين خافقيه، خاصة إذا أرخصها لأهداف نبيلة، تتجلى في المضي في قضية «الحزم وإعادة الأمل» لتحقيق الأهداف الشرعية لشعب تعرض لضيم «الحوثيين» الذين باعوا الوطن للإيرانيين بثمن طائفي بخس، حتى يتبين الخيط الأبيض للحسم من الخيط الأسود للعنصرية المذهبية الكريهة.
عشرات الشهداء صدوا عن الوطن كيد العدا، وأوقفوا زحفهم على المدى، وجعلوا من أرواحهم الطاهرة والزكية شموعاً تضيء للتائهين طريق الهدى. فالإمارات تفتخر بشهدائها فقد سخرت مقدراتها للاعتناء بشؤونهم ورعاية أفراد أسرهم، وذلك مكتب خاص بهم يتبع ديوان ولي عهد أبوظبي، ما يؤكد المزيد من التقدير لوضعهم ومكانتهم بين الشعب الذي والى القيادة ووفى بإخلاص منقطع النظير.
وقد مضت الدولة أكثر من ذلك في خطوة حضارية تنطق بالرقي عندما شرعت في بناء صرح يعلن عن مكانتهم أمام الأمم والشعوب المتحضرة.
فنصب الشهداء في عاصمتنا البهية أصبح مزاراً للقامات العالية في مختلف دول العالم، التي وضعت هذا النصب على رأس جدول زيارات الوفود والبعثات التي تمر من عندنا.
تحية من الوطن المعطاء بقيادته ذات النظرة الثاقبة لكل الشهداء البارين بإتمام واجبات الوطن وحقوقه، وقد أثمرت دماؤهم الألوف المجندين من أبنائنا الذين انضموا إلى قافلة معسكرات التدريب في شتى أنحاء الإمارات للمساهمة العملية بالاستعداد التام للوقوف كالبنيان المرصوص في كل أوان.
ومن المهم هنا أن نتوجه إلى ذوي الشهداء بحديث من القلب إلى القلب، لأنهم وضعوا أبناءهم لخدمة الوطن برضاء نفس ورباطة جأش وصبر جميل على المصاب.
فهنيئاً لهم شفاعة الشهداء المكرمين، وهم أهل لهذا المقام الكريم، فلهم من الله سبحانه ما هو أهله هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
هؤلاء الشهداء هم الحصن الحصين ودرع الوطن ضد تجرؤ المعتدين، وهم الدرس العملي لمن يفكر يوماً في الإضرار بهذا الوطن العزيز. فكلنا لأي معتدٍ بالمرصاد وجميعنا على استعداد للانضمام إلى قافلة الشهداء الذين وفوا بالعهود، وأدوا كامل الواجبات دون انتظار عرفان من أحد، فهم أدرى بما قدموا للوطن بلا خذلان ولا تردد في أي شأن.