تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بيوم الاتحاد السابع والأربعين، أي بميلاد الدولة التي تأسست على أيادٍ نقية محبة للخير والسلام، رسمت طريق نجاحها بثقة الشعب في القيادة وبحب الجميع لوطنه، وبتضحيات لن تتوقف فداءً لترابها، وبدستور يضمن الحقوق ويحدد الواجبات والمسؤوليات. وها نحن بعد سبعة وأربعين عاماً من عمر الاتحاد، نجني ثماره وما زلنا نجنيها وسنواصل ذلك بإذن الله تعالى.
في اليوم الوطني نتذكر الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صاحب الرؤية التي أوصلت دولة الإمارات لتتبوأ مكانة يشار إليها بالبنان، إذ باتت تتصدر مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية. لذا فإننا اليوم ننظر بفخر لما تقدمه قيادة الدولة متمثلةً بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأصحاب السمو حكام الإمارات وأولياء العهود، وفي اليوم الوطني نستذكر شهداء الوطن فهم أحياءٌ بيننا.
الاحتفالات الوطنية مناسبةٌ للتّذكر والاستذكار، فبعد أن خصصت الدولة يوماً وطنياً للاحتفاء بالشهيد في 30 نوفمبر، أي قبل يومين من الاحتفال بالاتحاد، نستذكر في هذا الأخير أيضاً تضحيات شهداء الوطن، والتضحيات المبكرة التي لم تفتأ ماثلةً في أذهاننا، نتعلم منها ونقتدي بها، وأعني بذلك أول شهيد للوطن، وهو سالم سهيل، شهيد الواجب الذي أبى أن يتوانى في الدفاع عن جزيرة طنب الكبرى التي احتلتها إيران في 30 نوفمبر 1971، وظل مرابطاً هو وخمسة من زملائه رافضين إنزال العلم، مقابل إصرار الجنود الإيرانيين المسلحين واستخدامهم صنوف الأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أدى إلى استشهاده على ثرى بلاده الطاهر.
وفي اليمن، ودفاعاً عن الحق والشرعية، وعن الأمن الوطني الخليجي والإماراتي، أظهر جنود الإمارات صنوفاً من البطولة والفداء وارتقوا أعلى مراتب الشهادة. فالإمارات بقيادتها الحكيمة لم تتوان يوماً عن مساعدة من يستنجد بها. فالقوات المسلحة الإماراتية شاركت بهمة كبيرة في الحرب ضد الإرهاب، وفي دحر التمدد الإيراني في مملكة البحرين ضمن قوات «درع الجزيرة»، كما شاركت ضمن قوات التحالف العربي في «عاصفة الحزم» لدحر ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، لاستعادة الشرعية في اليمن.
لذلك لا بد من خطاب إعلامي جديد يساهم في تطوير خطاب وطني يحتفي برمزية الشهيد في الوعي المجتمعي. فشهداء دولة الإمارات يستحقون في يوم الوطن، كما في يوم الشهيد نفسه، أن نحصي مآثرهم، ونحتفي بتضحياتهم، فهي تضحيات لا يمكن اختزالها في مقال صحفي ولا في قصيدة وطنية ولا بورقة وقلم، بل هي دروس في حب الوطن، لا بد من التاريخ لها في ذاكرة وطنية مقروءة ومرئية ومسموعة، ذاكرة وطنية تحفظ للشهداء بطولاتهم لأجيال لم تعاصرهم.
يساهم الشهيد في إعادة تشكيل تاريخ الوطن، وفي بنائه وتقوية أسسه. فرمزية خطاب الاستشهاد في الوعي المجتمعي عظيمة ومؤثرة. إن أحد أبرز عوامل ازدهار الأمم هو خطابها الوطني وهو الرواية التي ترويها عن نفسها، فالعَلم والنشيد والزي الوطني.. أمثلة رمزية للوطن، تربط الماضي بالحاضر وتؤسس للمستقبل، لكن الشهيد يمثل مصدر قوة وعامل التحام وطنيين دائمين.
ويرسم الخطاب الوطني في دولة الإمارات مواقع سامية لشهداء الوطن في تشكيل مسار الدولة الاتحادية، كدولة قوية تعيد ترتيب موازين القوة الإقليمية والدولية وتتبوأ مكانة جديدة على الساحة العالمية تستند إلى التضحيات والقوة بجميع أنواعها. في الذاكرة الإماراتية الجماعية أصبحت تضحيات الشهداء بأهمية كبيرة للغاية، مثل أهمية اليوم الذي تأسست فيه دولة الاتحاد الراسخة.