ثمة خطأ ما في القصة الشائعة حول احتجاجات «حركة الشاي في بوسطن». فأبناء المستعمرات لم يكونوا يحتجون على زيادة الضرائب، وإنما على قانون الشاي عام 1773، والذي منح حق احتكار استيراده لشركة الهند الشرقية ذات العلاقات الواسعة. وكان ذلك يهدد تجار الشاي في السوق الأميركية، مما أثار غضب أبناء المستعمرات، الذين كانوا مستائين بالفعل من فرض ضرائب عليهم من دون تمثيل نيابي إلى جانب المظالم الأخرى. ورداً على ذلك، اقتحم العشرات منهم ثلاث سفن في ميناء بوسطن ليلة الـ16 ديسمبر 1773، وألقوا شاي شركة الهند الشرقية في المياه. فكانت الشرارة التي أججت نيران الثورة الأميركية. ومنذ حينه، سادت نزعة الغضب الشديد من الممارسات الاحتكارية في السياسة الأميركية.
وبالطبع، حاولت الشركات الاحتكارية والشركات العملاقة الأخرى التصدي لتلك الهجمات على قوتها، ونجحت في الاستمرار، أحياناً، لسنوات أو لعقود. وحدث ذلك أثناء عصر «روكفيلر» و«مورجان». وخلال الـ40 عاماً الماضية، حدث ذلك مرة أخرى. فقد استسلمت الحكومة الفيدرالية للقوة الاحتكارية. ومثلما يشير أستاذ القانون «تيم وو» في كتابه الجديد «لعنة الضخامة»، «عند الحديث عن الاحتكار، تم تجاهل مصطلح (مكافحة)».
وقد سمح ذلك الخضوع باندماج قطاع تلو الآخر، لكن بقي من الصعب لفترة طويلة تحديد حجم تلك الاندماجات على وجه الدقة.
ولحسن الحظ، بدأ الباحثون في القطاع الخاص مؤخراً ملء الفجوات. ونشر «معهد الأسواق المفتوحة»، المتخصص في أبحاث مكافحة الاحتكار، الجزء الأول من مجموعة بيانات تظهر الحصص السوقية التي تمتلكها الشركات الكبرى في كل قطاع.
بيد أن البيانات الصادرة تقلل من أهمية الاندماج، لأنه لم يشمل حتى الآن قطاعات الطاقة والاتصالات وبعض المجالات الأخرى، كما لا يشمل الشركات الاحتكارية المحلية، مثل المستشفيات التي تهيمن بدرجة تمكنها من رفع الأسعار.
لذلك، آن الأوان لظهور حركة سياسية أخرى، تستلهم أفكارها من أنصار حركة الشاي والمدافعين الآخرين عن الشركات الصغيرة في الأسواق.

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»