خلال عامين، قلب الرئيس دونالد ترامب التوقعات بشأن كيفية تصرف أميركا في العالم، حيث تسبب في خلافات مع بعض الحلفاء، ومزق اتفاقيات دولية، وأهمل حقوق الإنسان، وتقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. والآن ها هو على وشك مواجهة أغلبية «ديمقراطية» في مجلس النواب.
وإذا كان «الديمقراطيون» مركزين على الرعاية الصحية والمواضيع المتعلقة بالمالية، فينبغي عليهم أيضاً تأكيد أنفسهم في مجال الأمن القومي، وخاصة بالنظر إلى أن ترامب، الذي بات أقل قدرة على اتباع أجندة داخلية، قد ينقل تركيزه إلى المواضيع التي لديه فيها حرية أكبر. والواقع أن مجلسَ نوابٍ ذي أغلبية ديمقراطية لا يستطيع أخذ السياسة الخارجية في اتجاه مختلف كلياً، لكنه يستطيع تقديم رؤية بديلة ومحاسبة هذه الإدارة على أعمالها في الخارج.
أولًا، ينبغي على الديمقراطيين إرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أننا نقف إلى جانب حلفائنا ونتشبث بقيمنا الديمقراطية. وفي هذا الصدد، يستطيع الكونجرس إسماع صوته في إعادة التأكيد على التزاماتنا تجاه حلفائنا، وزيادة التمويل لوزارة الخارجية، والضغط على الإدارة من أجل قبول مزيد من اللاجئين، وتوفير دعم ملموس ومعنوي للمجتمع المدني المستقل والإعلام عبر العالم. ترامب قد لا ينظر إلى القيم الأميركية باعتبارها جزءاً من قوتنا وتأثيرنا، لكن الكونجرس مطالَب بذلك. هذا الأمر يكتسي أهمية أكبر في وقت تعرض فيه روسيا والصين على العالم طريقاً بديلاً غير ديمقراطي. ولهذا، فإضافة إلى دعم التحقيق الذي يقوده المحقق الخاص روبرت مولر في تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية من عدمه، ينبغي على الديمقراطيين السعي وراء تشريع يدافع عن ديمقراطيتنا إزاء التدخل الأجنبي، ويحمي انتخاباتنا وبنياتنا التحتية من الهجمات الإلكترونية، ويسهّل عملية التصويت، ويزيد التمويل لمحاربة المعلومات المغلوطة والمضللة المدعومة من دول أخرى.
وعلى الديمقراطيين، ثانياً، تحدي الرئيس بخصوص مقاربته لـ«الحرب الدائمة». فرغم أنه تعهد خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من النزاعات العسكرية، فإن ترامب قام بتصعيد كل حرب ورثها عن سلفه. لذلك ينبغي للديمقراطيين الدفع في اتجاه مخطط يبعد جنودنا عن الخطر في أفغانستان، مع التشديد على أن حرباً مع إيران لا يمكن أن تحدث من دون ترخيص الكونجرس.
وعموماً، بوسع الديمقراطيين الإشارة إلى تحول في الأولويات؛ فبخصوص الدفاع، مثلاً ينبغي التدقيق في مخططات الإدارة الباهظة لتحديث الترسانة النووية وإنشاء «قوة فضاء». ولئن كان ترامب قد سحب الولايات المتحدة من دور الزعامة بخصوص المناخ، فإنه يجدر بالديمقراطيين النضال في سبيل إعادة التمويل الأميركي للتخفيف من تأثيرات ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وبوسع الديمقراطيين أيضاً مقاومة خلط ترامب للسياسة الداخلية والأمن القومي، وهو ما رأيناه عندما أرسل آلاف الجنود إلى الحدود مع المكسيك من أجل مواجهة تهديد هجرة مصطنع من أجل تعبئة قاعدته الانتخابية قبل الانتخابات النصفية. وبالمثل، ينبغي لفت انتباه الرئيس عندما يتفاخر بتحقيق «اختراقات» في المفاوضات مع كوريا الشمالية أو الصين، بغية تحسين وضعه السياسي، دون الدفع بمصالح البلاد إلى الأمام.
لقد بعث الأميركيون برسالة إلى العالم خلال الانتخابات الأخيرة، مفادها أنهم يرفضون المسار الذي اختاره ترامب، وعلى هذا الأخير أن يبدأ إصلاح الضرر البالغ الذي ألحقته إدارته بمكانتنا الدولية. ولهذا الغرض، يجب على الديمقراطيين استخدام سلطتهم الجديدة في الكونجرس لإصلاح صورة أميركا في الخارج.
 
بن رودز
نائب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما
جايك سوليفان
مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي السابق جوزريف بايدن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»