تُصوّر شركة «وولجرينز» للأدوية نفسها على أنها صيدلية الحي الودودة. فتقدم جرعات التطعيم ضد الإنفلونزا إلى الأطفال مجاناً، وتساعد المجتمع بعد العواصف، وتتبرع للأعمال الخيرية، وتنشر إعلانات تُحسن صورتها للكشف عن أعمالها الخيرية المتنوّعة.
لكن لـ«وولجرينز» أيضاً جانباً قاسياً، لن يراه أحد منكم في تلك الإعلانات. فلحماية الإعفاءات الضريبية، تحالفت الشركة مع الحزب الجمهوري المسيطر على الحياة الحزبية في «ويسكونسون». والحزب الآن في خضم انتزاعه للسلطة، إذ يعمل على تجريد حاكم الولاية ومدعيها العام من الصلاحيات، بعد أن خسر هذين المنصبين الشهر الماضي. ويأتي انتزاع السلطة بعد سنوات من «هندسة الدوائر الانتخابية بصورة متطرفة»، مما جعل «الجمهوريين» يهيمنون على المجلس التشريعي رغم حالة الانقسام الشديد في الولاية «ويسكونسون».
وما يحاول الجمهوريون في الولاية فعله هو «إبطال الديمقراطية». وعندما سألت «ستيفن لفيتسكي» و«دانيال زيبلات»، الخبيرين السياسيين اللذين ألفا في الآونة الأخيرة كتاباً بعنوان «كيف تموت الديمقراطية»، حول الوضع الراهن، اتفقا على أن انتزاع السلطة في «ويسكونسون» يمثل التحرك الذي يصفه كتابهما. وإذا ما استمر ذلك، فقد يؤدي إلى تعطل النظام السياسي.
وربما يعتقد المرء أن أي منظمة تزعم الاهتمام بقيم المجتمع ستواجه صراحة انتزاع السلطة، لكن «وولجرينز» لم تفعل. ولا أي من الشركات الأخرى المؤيدة للجمهوريين في ويسكونسون، مثل «مايكروسوفت» و«د. بيبر سنابل» و«جيه بي مورغان تشيز» و«هيومانا». ولعل هذا مثال آخر، إلى جانب ارتفاع أجور الرؤساء التنفيذيين وثبات أجور العاملين، على تخلي الشركات عن دور القيادة الذي كانت تلعبه سابقاً في أميركا.
وقصة «وولجرينز» و«ويسكونسون» لها جذور ممتدة في قضية تم رفعها أمام المحاكم قبل عقد مضى. ففي عام 2008، حكمت المحكمة العليا لصالح استراتيجية ضريبية عدوانية من قبل الشركة، في قضية عرفت باسم «وولجرينز» ضد «مدينة ماديسون». وعند احتساب الضرائب العقارية التي تدين بها الشركة، استخدمت «وولجرينز» تقييماً منخفضاً جداً لمتاجرها. ولم تدفع الضرائب استناداً إلى القيمة الحقيقية لهذه المتاجر، مثلما انعكست في أسعار شرائها وإيجارها. وبدلاً من ذلك، أخذت في الحسبان قيمة المتاجر الشاغرة القريبة.
وسمح حكم المحكمة لـ«وولجرينز» وشركات التجزئة الأخرى، باتباع ممارسة «المتاجر السوداء» هذه، وهو ما كلف المدن ملايين الدولارات الضريبية. وكانت النتيجة عجزاً في الموازنة أدى إلى زيادة الضرائب على الأسر والشركات الصغيرة في ويسكونسون بمعدلات أكبر من الضرائب في «مينسوتا» المجاورة.
والثغرة التي اعتمدت عليها «وولجرينز» ليست معروفة بشكل كامل، إذ استندت إلى نتائج مبادرة اقتراع غير ملزم في أنحاء ويسكونسون. وخلال العام الماضي، بدأت مجموعة من المشرعين الحزبيين على مستوى الولاية الدفع باتجاه تغيير القانون. لكن تلك الجهود وئدت في مهدها. وبدا أن القادة الجمهوريين في المجلس التشريعي للولاية، بمن فيهم «روبين فوس» و«سكوت فيتزجرالد»، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ على مستوى الولاية، لعبوا دوراً حاسماً في ذلك.
وقبل الانتخابات بعدة أيام منحت الشركات تبرعات مالية لعدد من هؤلاء المشرعين الجمهوريين ولبعض لجان الحزب. ولم تكن هذه التبرعات مجرد توزيع أموال، فـ«وولجرينز» لم تتبرع للديمقراطيين، مثلما فعلت في الماضي.
ورغم قلة المبالغ المتبرع بها، لكن هكذا كانت ميزانيات الحملات الانتخابية المحلية أيضاً. والأهم هو الرسالة الموجهة من «وولجرينز» إلى السياسيين: «لا نعبأ إذا قوضتم الديمقراطية، طالما أننا نحصل على إعفاءاتنا الضريبية».

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»