يلاحظ المراقبون أجواء سخونة متزايدة في الضفة الغربية خلال الأسبوعين الماضيين تأخذ صوراً دامية من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء، منها على الجانب الإسرائيلي اقتحام نواب في الكنيست للمسجد الأقصى، وقيام المستوطنين بتعليق لافتات تحمل صور الرئيس الفلسطيني محمود عباس تطالب بقتله وتصفيته بدنياً، ومنها ظهور شعارات عنصرية أدت بمصادر في المخابرات الإسرائيلية إلى التعبير عن قلقها من قيام المستوطنين بتصعيد عملياتهم ضد العرب في الضفة وداخل حدود 1948. لقد ظهرت هذه الشعارات منذ ثلاثة أيام مكتوبةً على الجدران وموقعةً من منظمة إسرائيلية تطلق على نفسها اسم «جباية الثمن من العرب»، وهي تنصب نفسها هيئةً للرد على أي عمليات يقوم بها الفلسطينيون في الضفة الغربية ضد المستوطنين أو جنود الاحتلال. وقد وسَّعت هذه المنظمة مجالَ نشاطها من الضفة إلى مناطق عرب 1948. وقد ظهرت الشعارات صباح الثلاثاء الماضي على جدران مسجد أبوبكر الصديق وبعض المنازل في بلدة ياسوف بقضاء سلفيت، وفي مدينة نتسيريت عليت المجاورة للناصرة.
أما من الجانب الفلسطيني فقد تكررت عمليات إطلاق النار والطعن ضد المستوطنين وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي أجواء تدعو بعض المراقبين إلى الخشية من اندلاع انتفاضة سكاكين مثل تلك التي حدثت في عام 2015.
ومن الملاحظ أن هذه الأجواء الساخنة في الضفة الغربية قد جاءت في أعقاب التهدئة النسبية التي حدثت في غزة، والتي سمحت فيها الحكومة الإسرائيلية بدخول الأموال القطرية لدفع مرتبات موظفي حكومة «حماس»، وتثبيت حكمها هناك.
وثمة تفسيرات عدة لاندلاع هذه الموجة الساخنة؛ منها التفسير المبكر الذي جاء في صورة توقع وتقدير مخابراتي أعلنه في شهر أغسطس الماضي رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال جادي إيزنكوت، وخلاصته أن انعدام أفق للحل السياسي سيقود إلى انفجار في الضفة الغربية، وهذا التفسير تبناه منذ أيام عضو الكنيست عومر بارليف نجل الجنرال الشهير الذي أسس خط الحصون المعرف باسمه على الضفة الشرقية لقناة السويس في أعقاب احتلال سيناء في حرب يونيو عام 1967. لقد قال عومر، تعليقاً على الأحداث الساخنة: "إن الحكومة استخفت بتحذيرات رئيس الأركان والأجهزة الأمنية فحدث الانفجار". هذا في حين يطرح الجنرال إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق تفسيراً آخر يعني أن نتنياهو يبدو مثل مَن يتعاون مع حركة «حماس» لتحقيق هدف مشترك بينهما، وهو إسقاط السلطة الفلسطينية.
إن فحص الساحة يشير إلى أن هناك كماشة تطبق على السلطة في الضفة، فكها الأول يميني إسرائيلي يضغط بتوسيع الاستيطان والحصار والتنكيل، وفكها الثاني حركة «حماس» التي تحاول خلق المشاكل للسطة بعمليات إطلاق النار على الإسرائيليين في الضفة، وإدانة التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل.
قد يكون لكل تفسير وجاهته، لكن ربما تكون هذه هي السخونة التي تسبق الإعلان عن صفقة القرن، حيث يحاول كل طرف أن يظهر للإدارة الأميركية مخالبه في محاولة للتأثير على مشروع الصفقة الذي اقترب موعد الإعلان عنه.

*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس