«إن الوحدة العربية التي تعتبر دولة الإمارات نواتها، ليست حلماً أو ضرباً من الخيال، ويمكن لهذه الأمة تحقيقه إذا صدقت النوايا وتفاعلت الأماني بالعمل»، تلك كانت إحدى المقولات الخالدة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والتي تعكس رؤيته عن الوحدة بين الدول العربية، والتي تقوم بالفعل على تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي بناها رحمه الله بصدق نواياه وامتزاج الأمل بالعمل. وبمرور السنوات لم تنجح دولة الإمارات فقط في تثبيت دعائم الاتحاد بين إماراتها، بل أصبحت مضرب المثل في التطور وتنفيذ السياسات الرامية لتبوؤ أعلى المراتب العالمية في العديد من المجالات.
وتحتل دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والسابع عالمياً ضمن أكثر الدول تنافسية في العالم حسب تقرير «الكتاب السنوي للتنافسية العالمية» 2018، وأصبحت تتبوأ المراتب الأولى في مؤشرات مختلفة منها «كفاءة تطبيق القرارات الحكومية»، و«الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص»، و«توفر الخبرات والمواهب العالمية». إضافة إلى ذلك، احتلت دولة الإمارات المركز الرابع عالمياً في مؤشر «تطبيق التقنيات الحديثة» ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى إطلاق الدولة استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، والتي تهدف إلى المساهمة في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار والتطبيقات التكنولوجية المستقبلية التي تدمج التقنيات المادية والرقمية والحيوية، حيث تقوم الثورة الصناعية الرابعة على محاور رئيسية عدة، بما فيها الدمج ما بين التقنيات المادية والرقمية والحيوية، والثورة الرقمية.
ونتيجة لذلك فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة السادسة عالمياً في المؤشر العالمي للخدمات الإلكترونية (الذكية)، مما جعلها تحتضن أكبر عملية تحول رقمي في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لم يكن مستغرباً أن تأتي الدول العربية يومي 16 و17 ديسمبر الجاري إلى أبوظبي لإطلاق «الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي» ضمن فعاليات المؤتمر الأول للاقتصاد الرقمي العربي. فقد اختارت جامعة الدول العربية، ممثلة في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، دولة الإمارات العربية المتحدة لتشهد زرع بذرة مسيرة الوحدة بين الدول العربية في الاقتصاد الرقمي تحقيقاً لرغبة ورؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – الذي طالما راوده الأمل في تحقيق تلك الوحدة العربية أسوة بما أنجزه – طيب الله ثراه – من الوحدة بين الإمارات السبع.
واللافت للنظر أن «الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي»، والتي استغرق إعدادُها ما يناهز العام والنصف قد جاءت بدعم من دولة الإمارات، ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتوجيهات الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وإشراف من أبنائها ذوي الخبرة والعلم بقيادة الدكتور علي الخوري، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ورئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي. وقد جعل ذلك الدعمَ الإماراتيَ من الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي واقعاً قابلاً للتطبيق أمامَ المواطن العربي لتحقيق الوحدة العربية في مجال من أهم مجالات القرن الحادي والعشرين ألا وهو الاقتصاد الرقمي، الذي يمكن أن يسهم بأكثر من 3 تريليونات دولار في نمو الناتج المحلي العربي في وقت لا تتعدى المساهمة الرقمية في اقتصادات الدول العربية حالياً 4% مقارنة بـ 22% عالمياً.
وبالتالي، فإن ولادة الرؤية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي من على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تبنت الرؤية فكرةً فمشروعاً فواقعاً عربياً، لأمر يضمن نجاحها طالما توفرت كافة سبل الاستمرارية والدعم مما يشجع قادة الدول العربية خلال القمة القادمة في شهر مارس 2019 في تونس على إقرار الرؤية، والإعلان عن الإمارات لتكون عاصمة الاقتصاد الرقمي العربي.