يقترب الجانب الاحتفالي لمئوية المغفور له الشيخ زايد من نهايته في بعده التشاركي المرتبط بالفعاليات، وقد حرَّك الوجدان والعقول والقلوب لجهة التأكيد على حبّ أسس له الشيخ زايد في حياته من خلال أعمال الخير، وعلى خلفية ذلك لم ينقطع عمله، وأصبح الإماراتيون وكثير من العرب جميعهم أبناء يدعون له، وكل منهم سعى لأجل إبراز هذا الحب بطريقته الخاصة، وكان للكتابة نصيب ظاهر في جميع المجالات، وأعتقد أنه لم يحظ قائد على المستوى العالمي في عصرنا الحديث بما حظي به الشيخ زايد من اهتمام في مجال الكتابة والتأليف في هذا العام على المستويين المحلي والعربي، وقد تخطَّى الاهتمام بتجربة سموه من الحديث عنه إلى التركيز على دولة الإمارات، في مشهد مفرح كشف عن التداخل بين القائد والدولة والشعب، ما يجعلنا نرى أن الإمارات ستظل محمية بإرث زايد حتى لو تعرضت المنطقة كلها إلى هزات كبرى أو قحط في المعرفة، أو كساد في الاقتصاد، أو خواء إنساني وخيري بحكم ما يستجد في العلاقات الدولية، نرى تجليات مشاهدها هذه الأيام على أكثر من صعيد.
لقد تابعنا في الإمارات، وعلى طول السنة الجارية، إنجاز أعمال في مجالات مختلفة عبّرت جميعها عن الوفاء للشيخ زايد، كما تابعنا اهتماماً عفوياً، إعلامياً بشكل خاص، وإبداعياً بشكل عام، بالشيخ زايد، رسمياً ونخبوياً وشعبوياً في عدة دول عربية، منها: السعودية، والبحرين، والكويت، وعُمان، والأردن، والمغرب ومصر.. إلخ، يحق لما أن نذكر عملاً منه، يتعلق بالتأليف، وذلك لعدة أسباب، منها، أنه عمل موسوعي، وطوعي، اختياري، وبحث جاد، والأكثر من هذا يعبر عن حب المصريين للشيخ زايد واعترافهم بما قدمه لمصر في محاولة لرد الجميل، كما جاء موضحاً في قول المؤلف «في مئوية الشيخ زايد ،رحمه الله، أهدي هذه الموسوعة تقديراً لدور الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، في الوقوف وقت الشدائد مع مصر الغالية».
الكتاب، للدكتور «جلال زناتي جلال» أستاذ في كلية التربية جامعة الإسكندرية، وقد حمل عنوان:«الموسوعة التاريخية لإمارات السعادة العربية» وعنوان آخر جانبي«دولة الإمارات العربية المتحدة بين عبق الماضي وآمال المستقبل»، وجاء المؤَلَّف في مجلدين ضمهما كتاب واحد، في أكثر من 900 صفحة، تناول المجلد الأول: الجذور التاريخية للإمارات العربية، وركز المجلد الثاني على سير الأزمان في تاريخ الإمارات، كما اشتمل الكتاب على بعض الوثائق والصور الداعمة للنص، وهو في عمومه عمل بحثي ثري مدعوم بالمراجع، ولسنا هنا بصدد تقييمه لأن هذا مجال ذوي الاختصاص، لكم ما يَهمُّنا هنا أمران، الأول: امتداد الأثر للطيب للشيخ زايد، وتأثيره الذي يتعدى الحكومات والمؤسسات الرسمية إلى الشعوب مباشرة، أفراداً وجماعات، والأمر الثاني: تأثير أفعاله الخيرة على الحركة الإبداعية العربية، حيث العمل من أجل نشر الحكمة والرشاد كما هو في عمل الدكتور جلال زناتي، ويكفينا هذان الأمران، ولأجل تحقيقهما فليتنافس المتنافسون.