السعودية رافعة السياسة الخليجية في هذه اللحظة التاريخية في العالم العربي، تتعرّض من القريب قبل الغريب لحملة إعلامية شرسة لم يسبق لها مثيل ولا نظير.
غِنى السعودية حصانة لها تقوي بها اقتصادها عن التأثر بشرور الزمان والمكان والإنسان. قبل كل ذلك، فهي محصنة من ربٍ مناَّن، الذي منَّ عليها بنعمة الأمن والاستقرار منذ قرون من عمر الزمان (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، «سورة قريش: الآية 3 و4». هذا أهم ركن في استدامة الأمن في شقيقة الخليج الكبرى، وبعد ذلك تأتي الثروات الأخرى لتدعم هذا الأساس. جلس بجانبي راكب من إحدى الدول الآسيوية على متن الخطوط السعودية، وبعد التحية ومد أطراف الحديث عرفت أنه يعمل في إحدى شركات المعادن بالسعودية فأعلمني بوظيفته الخاصة بالترويج لمنتجات هذه الشركة التي اكتشفت ثروة معدنية قد تتفوق على النفط في المستقبل القريب. لقد تم اكتشاف «حقل» من الذهب على مساحة 70 كم وميزة هذا الذهب مقارنة بما تم اكتشافه في بقية أنحاء العالم أن كمية الذهب في الطن الواحد أكثر من مثيلاته، وهو من مبشرات بدائل النفط فيما إذا استنفذ النفط أغراضه، أو قلت مساهمته في دعم الاقتصاد الوطني بالمملكة العربية السعودية. مع العلم بأن أكبر حقل نفط في خانة الاحتياط يقع في السعودية وتقارب مساحته 250 كم ولم يمس منه حتى اللحظة قطرة.
اليوم تتعرض السعودية من حليفها الأكبر، الولايات المتحدة الأميركية إلى حملة مغرضة، بعيدة عن كل الأعراف الدبلوماسية في الديمقراطية التي تعلمت الدول قيمها من أميركا ذاتها، وذلك بعد أن استضافت الرياض «ترامب» واستلم ثمن تلك الزيارة مليارات الدولارات، التي وفرت للأميركان ملايين الوظائف حسب اعتراف الرئيس فور عودته من تلك الرحلة المكوكية المليئة بالثراء، وهي بالطبع لم تكن هدية مجانية من طرف المملكة، بل جزءاً من التزاماتها الإستراتيجية لعلاقة قوية راسخة جذورها منذ عشرات العقود.

السعودية لم تغير سياستها الخارجية تجاه الحليفة طويلة المدى، رغم الظروف الداخلية للمملكة، والخارجية في الإطار العالمي، ومع ذلك يلوح الحليف الأميركي تارة بقانون «جاستاف» وتارة أخرى بملف البرجين، وآخراً بإجماع الكونجرس على إصدار قوانين جديدة للتحرش السياسي بالمملكة المسالمة منذ التأسيس.
مع تزايد الضغوط على المملكة، فإنها بلا مواربة العمود الفقري للاستقرار في المنطقة، وأميركا تدرك هذه الحقيقة جيداً ولكنها يبدو في باطنها مآرب أخرى.
في هذه المرحلة التي يسعى البعض ويحاول زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، يقع التحدي الأكبر على كاهل دول مجلس التعاون لبناء طوق أمني حول المملكة لأنّ في إيذائها من قِبل المتربصين أذى لنا جميعاً.
فها هي الإمارات قد بادرت للوقوف مباشرة ضد ما يعتمل في صدر الكونجرس الأميركي تجاه السعودية في سابقة لم نشهدها طوال فترة العلاقات السعودية- الأميركية، من هذا المنطلق أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تضامن دولة الإمارات العربية المتحدة الكامل ووقوفها مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في موقفها تجاه ما صدر مؤخراً عن مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الأميركية وضد كل من يحاول المساس بموقع المملكة وبمكانتها الإقليمية. كما أكدت الوزارة رفض دولة الإمارات أي تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية والتعرض لقيادتها وتحت أي مسوغ، ورفضها لكل المحاولات التي من شأنها إلحاق الضرر بدور السعودية الأساسي في إرساء الأمن والسلام الإقليمي ومكانتها العربية والإسلامية والدولية.
نعتقد هذا الموقف السديد هو ما يفرض على الدول العربية والإسلامية اتخاذه، إذا أرادت ألا تقع في فخ السياسة الأميركية الضارة بمصالح العالمين العربي والإسلامي في ذات الوقت وبنفس القدر.