ما زالت الساحة الانتخابية الإسرائيلية في حالة سيولة حزبية لم تتبلور نهائياً بعد منذ تقرر تقديم موعد الانتخابات إلى شهر أبريل بدلا من موعدها الأصلي في نوفمبر، وهو ما يعني أننا سنشهد خلال الفترة القادمة حالات انشقاق داخل الأحزاب القائمة وحالات اتحاد بين بعضها بالإضافة إلى نشوء أحزاب جديدة.
حتى الآن، يمكننا رصد تطورين هامين قد يكون لهما تأثير في نتائج الانتخابات، ويتمثلان في تكوين حزب جديد بزعامة رئيس الأركان الإسرائيلي السابق «بيني جينتس»، يحمل اسم «حسينوت ليسرائيل»، أي الحصانة لإسرائيل، ويصنفه نتنياهو على أنه حزب يساري بينما يصنفه وزير الأمن الداخلي السابق «موشيه يعلون» على أنه حزب يحمل الطابع الأمني الوسطي الرسمي والمعتدل.
أما الحزب الثاني، فهو حزب «يامين حاداش»، ومعناها اليمين الجديد، وأسسه «بنيامين بينت» بمساعدة زميلته «إيليت شاكيد» بعد أن انشقا عن حزب «البيت اليهودي» الذي كان «بينت» رئيساً له. ويهدف هذا الحزب إلى جذب أصوات الجمهور اليميني من القطاعين الديني والعلماني دون أن يقصر نفسه على جمهور اليمين الديني، كما كان عليه الحال في حزب «البيت اليهودي». ويرى المراقبون أن بينت قد أصابه اليأس من جمهور الحزب المتدين الذي يعطي أصواته لنتنياهو وليس لحزبه البيت اليهودي.
لقد أعطت استطلاعات الرأي حزب الجنرال جينتس 14مقعداً بالكنيست، وهو عدد يصل إلى أقل قليلا من نصف المقاعد المتوقع أن يحصل عليه «ليكود»، وهي بين 30 و32 مقعداً. وفي هذه الحالة سيكون حزب «جينتس»، طبقاً للاستطلاعات، ثاني أكبر الأحزاب بالكنيست، وسيحل بعده حزب «يش عاتيد»، أي هناك مستقبل، بقيادة «يائير لابيد» العلماني. أما إذا اتحد «جينتس» مع حزب «يش عاتيد» فإن الحزبين سيحصلان معاً على 26 مقعداً ليكوِّنا قائمة كبيرة.
وحالياً، تروج أخبار مفادها أن الجنرال جينتس يسعى إلى تعزيز صورة حزبه كحزب للأمن الإسرائيلي القوي من خلال مفاوضات يهدف بها إلى ضم عدد من كبار العسكريين، وهم الجنرال «إيهود باراك» والجنرال «موشيه يعلون» والجنرال «جاك هيرش» والجنرال «جابى أشكنازى».. وهناك توقعات بتمكّنه في هذه الحالة من سحب أصوات عديدة من أنصار اليمين والوسط وبالتالى يزيد من رصيد مقاعده.
وكان الجنرال جينتس قد شغل منصب رئيس الأركان في عام 2011 وغادره في عام 2015 بعد أن قاد الجيش في الحرب على غزة عام 2014. وقبل تسجيل حزبه راجت أنباء تفيد بأن الجنرال تلقى عرضاً بالانضمام إلى رأس القائمة الانتخابية لـ«اتحاد المعسكر الصهيوني» المكون من حزبي «العمل» بقيادة «أفي جاباي» وحزب «الحركة» بقيادة «تسيبى لفنى»، خصوصاً بعد الخطاب الذي ألقته الأخيرة، وطالبت فيه قوى الوسط واليسار بالاتحاد وتغليب المصلحة الوطنية على الطموحات الشخصية للتمكن من هزيمة معسكر اليمين في الانتخابات. أما زعيم حزب «العمل»، «أفي جاباى»، فنفي هذه الأخبار وكذّب تقديم هذا العرض للجنرال، مؤكداً أن المعركة الانتخابية الرئيسية ستكون بينه كزعيم لحزب «العمل» وبين نتنياهو، وهو قول لا يأخذه المراقبون على محمل الجد، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تعطي قائمة المعسكر الصهيوني مكانة متأخرة.
سيكون أمامنا مجال خلال الأسابيع المقبلة لتحليل أكثر حول الحالة الانتخابية الإسرائيلية.