نجحت إمارة أبوظبي في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية مفضلة، وأصبحت ضمن أكثر المناطق جذباً للسياحة في المنطقة والعالم، وهو ما كشفته العديد من المؤشرات التي تم إعلانها مؤخراً، سواء فيما يتعلق بالنمو في عدد نزلاء الفنادق بصورة متصاعدة أو فيما يتعلق بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي أو من خلال العمل على تطوير فعاليات وأنشطة ترفيهية وثقافية جديدة على مدار العام. وكان عام 2018 شاهداً بامتياز على تطور القطاع السياحي في أبوظبي، حيث تم إعلان فعاليات ومرافق ترفيهية جديدة، كان أبرزها «عالم وارنر براذرز»، كما شهدت أبوظبي خلال العام الماضي العديد من الفعاليات الرياضية المهمة التي لعبت دوراً مهماً في الترويج للمعالم السياحية في أبوظبي، مثل كأس العالم للأندية وبطولة العالم لسباقات «الفورمولا–1»، هذا فضلاً عن استضافة العديد من الفعاليات الرياضية التقليدية والتراثية، كسباقات الهجن وسباقات القدرة للخيل والصيد بالصقور، وهي فعاليات تعزز من السياحة الرياضية في أبوظبي.
إن النهضة السياحية الكبيرة التي تشهدها إمارة أبوظبي هي نتاج مجموعة من العوامل، أولها الجهود المتواصلة التي تقوم بها دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي في تعزيز جاذبية هذا القطاع الحيوي، من خلال استراتيجية تمزج بين الأصالة والمعاصرة، حتى غدت أبوظبي تلبي احتياجات السائح الخليجي والعربي، وكذلك قطاعات عريضة من السياح القادمين من دول أوروبية وآسيوية، من خلال نجاحها في تطوير أنوع مختلفة من السياحة، كالسياحة العلاجية والسياحة الحلال وسياحة السفاري والسياحة الرياضية والسياحة الثقافية، وهي مؤشرات على زيادة جاذبية أبوظبي كوجهة سياحية عالمية. وثانيها البنية التحتية المتطورة التي تشهدها إمارة أبوظبي، والتي تضاهي المستويات العالمية في العديد من المجالات التي تهم السائحين، من اتصالات متقدمة، ومراكز صحية عالمية، وأحدث المراكز التجارية، وأفخم المرافق الفندقية والتي تسهم في جذب قطاع عريض من السائحين للقدوم إلى الدولة. وثالثها تمتع أبوظبي بمقومات مناخية وطبيعية جاذبة للسياح، ففي معظم شهور السنة هناك جاذبية سياحية متجددة، تتماشى مع شريحة عريضة مما يمكن تسميته «الطلب السياحي الجديد»، حيث يبحث قطاع كبير من سائحي النخبة عن أشكال جديدة من السياحة واستكشاف مناطق سياحية واعدة، كسياحة السفاري وتسلق الكثبان الرملية، وهذه الأنواع متوافرة في صحراء ليوا التي تتمتع بجاذبية فريدة. ورابعها ما تنعم به أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بوجه عام من أمن واستقرار يجعلها بيئة مثالية للسياحة، تجذب الملايين إليها من جنسيات العالم المختلفة، وليس أدل على ذلك من تصدر أبوظبي قائمة المدن الأكثر أماناً على مستوى العالم، وذلك بحسب الموقع الإلكتروني «نومبيو»، في التقرير الذي أصدره عن مؤشر الأمان في المدن في شهر سبتمبر 2018.
إن الاهتمام الذي توليه إمارة أبوظبي بقطاع السياحة والعمل على إضافة فعاليات ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة كل عام يعزز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، ولعل من المؤشرات التي تعكس ذلك بوضوح مجيء أبوظبي ضمن قائمة المدن العشر الأسرع نمواً في عدد الوظائف المباشرة بقطاع السفر والسياحة، خلال الفترة (2007-2017) بواقع 10.4% سنوياً، وفقاً لتقرير مجلس السفر والسياحة العالمي حول أداء السياحة والسفر في المدن، الصادر في شهر أكتوبر 2018، والذي يقارن بين 72 مدينة في العالم، كما تبوأت أبوظبي في هذا التقرير أيضاً المرتبة الخامسة في توقعات النمو لمساهمة القطاع في الوظائف المباشرة بين 2017 و2027، وحلت في المرتبة السابعة عالمياً في الأسرع نمواً في المساهمة المباشرة في الناتج المحلي في الفترة بين 2007 و2017 بواقع 6.6%، في الوقت ذاته فإن متحف «اللوفر- أبوظبي» الذي افتتح عام 2017، ويعتبر أول متحف على مستوى العالم يقدم حواراً ثقافياً بين مختلف الثقافات الإنسانية، ومدينة «عالم وارنر براذرز» الترفيهية التي افتتحت في يوليو 2018، تم إدراجهما ضمن أفضل 100 مكان في العالم للعام 2018 بحسب مجلة «التايم» الأميركية، وغيرها الكثير من الشواهد والمعطيات التي تؤكد المستقبل المشرق لقطاع السياحة في أبوظبي والإمارات بوجه عام خلال السنوات المقبلة.

 *عن نشرة "أخبار الساعة"  الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.