تمثل المبادئ الثمانية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للحكم والحكومة التي تقوم عليها إمارة دبي، القواعد الأساسية التي تقوم عيها الدولة الحديثة والعصرية، والمتتبع للتجارب التاريخية سيجد أن كل الدول المتقدمة كانت تنطلق من هذه الأسس، فمن دونها لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة ولا نهضة حقيقية. فالمبدأ الأول، وهو الاتحاد، يمثل بالفعل الأساس الذي تقوم عليه الدولة كما هي الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات، فالاتحاد في حالة الإمارات يمثل ليس عنصر القوة فقط، بل العامل الأساسي الذي يوحد المجتمع ويسمح بتوظيف عناصر القوة الكامنة فيه، ولا شك أن ما حققته دبي أو أي إمارة أخرى ومن ثم ما حققته الإمارات، سواء على الصعيدين الداخلي والخارجي يعود الفضل فيه إلى الاتحاد، ولذلك من الطبيعي أن تكون أولويات حكومة الاتحاد هي أولويات حكومة دبي وحكومات الإمارات الأخرى. أما المبدأ الثاني، وهو «أن لا أحد فوق القانون»، فهو غاية في الأهمية، بل يمثل الأساس الذي يقوم عليه أي حكم رشيد، فمقولة «العدل أساس الحكم» لم تأتِ من فراغ، وإنما تعبر عن جوهر الحكم الناجح والصالح، فالعدل الذي يعني أن يخضع الجميع، الحاكم والمحكوم، الصغير والكبير، الغني والفقير، المسلم وغير المسلم، لحكم القانون، يضمن الاستقرار والازدهار، أما الظلم فهو مهلكة، ولهذا فإن سيادة القانون أمر أساسي للحكم في الإمارات كدولة، كما هو في الحكومات المحلية. وفيما يتعلق بالمبدأ الثالث، وهو الاقتصاد، فلا شك أنه لا يمكن تحقيق الرفاه ولا السعادة وهي هدف أي دولة أو حكومة ما لم يكن هناك اقتصاد قوي، وهذا هدف أساسي لحكومة دبي، كما هو بالنسبة إلى الحكومة الاتحادية، وضمان اقتصاد قوي وفعال يتطلب بالتأكيد الاستقرار وإقامة علاقات طيبة مع الجميع، ويرتبط بالاقتصاد.
المبدأ الرابع، وهو النمو الذي تقوده محركات ثلاثة، وهي كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، «حكومة ذات مصداقية ومرونة وتميز، وقطاع خاص نشط وعادل ومفتوح للجميع، وقطاع شبه حكومي ينافس عالمياً ويحرك الاقتصاد محلياً»، وهذه هي المحركات لنمو أي اقتصاد، فالاقتصاد الذي تنجح إدارته في ربط هذه المحركات وتفعيلها يحقق الإنجازات، بل المعجزات. أما المبدأ الخامس المتمثل في وجود مجتمع بشخصية متفردة، فهو يعبر عن بعد النظر والحكمة التي تتمتع بها القيادة في الإمارات، فمثل هذا المجتمع هو مصدر قوة عظيمة، فلكي تحقق الدول والأمم النهوض الحضاري فلا بد أن يتميز المجتمع بكثرة العمل وقلة الجدل، كما لا بد أن يكون منضبطاً وملتزماً ومثابراً ومحباً للخير ومنفتحاً على الجميع، وهذه بالفعل قيم سامية تميز الأفراد والأمم الراقية. وبينما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على القيم والأخلاق، فهو لا يتجاهل العناصر الأخرى التي تضمن التطور المستدام، وهنا يكون المبدأ السادس، وهو تنويع الاقتصاد، أمر حيوي يجب على أي حكومة أن تراعيه، فمهما كثرت الموارد الطبيعية فهي ستنضب يوماً ما، ولهذا فإن الاعتماد على مصدر أو مصادر محددة للدخل، لا يمكن أن يضمن تنمية مستدامة. وعندما يتحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في المبدأ السابع عن المواهب، فهو ينطلق من حقيقة واقعة، وهي أن دبي أرض المواهب بالفعل، كما هي دولة الإمارات العربية المتحدة، فنهضة دبي والإمارات كلها والإنجازات غير المسبوقة التي تحققت قامت على إبداعات الموهوبين من مختلف المجالات والاختصاصات، ولكي تضمن دبي وبالتأكيد الإمارات التفوق والمنافسة، خاصة في ظل التنافس الدولي الشديد، فلا بد أن تواصل استقطاب العقول والأفكار، وهذا يتطلب بالتأكيد تجديد السياسات والإجراءات. وأخيراً وليس آخراً، يأتي المبدأ الثامن، وهو التفكير بالأجيال، ليؤكد مدى حرص القيادة الرشيدة في هذا البلد على الأجيال القادمة، ولهذا فهي تولي الاستثمار فيهم أولوية قصوى، وذلك لضمان مستقبل مشرق.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية