بعد فراره إلى أوروبا عام 2010 من تهديدات «طالبان» في ولاية غزني الأفغانية التي كان يعيش فيها، أُجبر عبد الغفور على الرحيل من النرويج عام 2013 حتى قبل التوصل إلى اتفاق الترحيل المثير للخلاف لعام 2016 بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الأفغانية. صحيح أن الاتفاق أشار إلى أن هناك بعض المناطق على الأقل آمنة في أفغانستان، لكنه أثار أسئلة بشأن مدى أخلاقية إعادة المهاجرين إلى مناطق حروب محتدمة. ووجد عبد الغفور نفسه في كابول بعد عودته دون أسرة أو شبكة دعم، لذا فكر في الاضطلاع بمهمة تحسين حياة المرحلين قسراً مثله إلى أفغانستان. وأنشأ عبد الغفور «منظمة دعم ونصح مهاجري أفغانستان» عام 2014 لتوفير ملاذ آمن للعائدين ومساعدتهم على إعادة الاندماج في بلدهم. لكن كل الأفراد الذين يبلغ عددهم نحو 50 رجلا ممن احتواهم عبد الغفور في المنظمة من منتصف عام 2016 إلى نهاية عام 2017 لم يبق منهم أحد في أفغانستان. بعضهم لم يستطيعوا العثور على عمل وبعضهم أصبحوا لاجئين في باكستان وإيران أو فقدوا في أفغانستان. وجميعهم تضرر من الحرب والهجمات الانتحارية الدائرة في البلاد. فقد انفجرت عدة قنابل بينما كان عبد الغفور يجتمع مع العائدين في مكتبه في كابول، وكانوا يشاهدون من نوافذ المكتب النيران والدخان المتصاعد. وذات مرة وقع انفجار فور مغادرة أحد العائدين المكتب، ما جعل عبد الغفور يسارع بالاتصال به ليتأكد من بقائه على قيد الحياة.
وتقلص عدد المهاجرين الأفغان الوافدين إلى أوروبا بعد وصول أعداد كبيرة من الفارين من سوريا وأفغانستان والعراق وأفريقيا، ومناطق أخرى إلى الحدود الأوروبية عامي 2015 و2016. وعلى سبيل المثال، تقدم 180 ألف أفغاني، في عام 2016، بطلب لجوء في الاتحاد الأوروبي، بينما لم يتقدم إلا 45 ألف أفغاني بهذا الطلب في عام 2017. والآن هناك عدد أقل من الأفغان الراغبين في دفع آلاف الدولارات للمهربين للحصول على فرصة للوصول إلى أوروبا، بعد تواتر القصص عن سوء المعاملة وخطورة الرحلات والخاتمة غير المضمونة المتمثلة في ترحيل إجباري بموجب اتفاق الاتحاد الأوروبي مع كابول. وتم ترحيل أكثر من 1000 أفغاني إلى كابول بموجب الاتفاق رغم المخاطر المتنامية من الصراع العنيف في أفغانستان.
وفي عام 2017، غيرت الأمم المتحدة تصنيف أفغانستان من بلد يعيش «ما بعد صراع» إلى بلد يشهد «صراعاً نشطاً». وفي الآونة الأخيرة، عبر عن هذه المخاطر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين التي نشرت أحدث تقاريرها في 30 أغسطس. ورصد التقرير «توجهات سلبية» و«أعلى مستويات من الضحايا المدنيين» من الهجمات غير التمييزية في كابول. وتوصل التقرير إلى أنه حتى في العاصمة يواجه العائدون «تهديدات خطيرة على حياتهم وأمنهم وحريتهم أو صحتهم». كما أشار المفتش العام للجيش الأميركي في تقريره ربع السنوي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان الذي صدر في 30 أكتوبر الماضي إلى «عدة تطورات محبطة» وإلى أن ضحايا قوات الأمن الأفغانية من مايو إلى أكتوبر كانت الأكبر، مقارنة بأي فترة مشابهة، وأن سيطرة ونفوذ الحكومة الأفغانية في كل مناطق البلاد بلغ نحو 55.5% فحسب مقارنة مع أكثر من 70% في نهاية عام 2015.
وبالإضافة إلى مشكلة العائدين من أوروبا، تعين على كابول منذ عام 2016 التعامل مع مئات آلاف العائدين من إيران وباكستان. وخصص المسؤولون الأفغان 750 مليون دولار لدعم الخدمات الأساسية لكل العائدين من التعليم والصحة إلى مياه الشرب والصرف الصحي. وللحكومة الأفغانية مصلحة في إظهار تحسن الأمن وأنها تستطيع توفيره للمواطنين وهي نقاط أساسية يروج لها الرئيس أشرف عبد الغني قبيل الانتخابات الرئاسية الربيع المقبل. ويرى ويل كارتر رئيس «برنامج مجلس اللاجئين» النرويجي في كابول أن الأزمة الإنسانية تتفاقم وأن معدلات النزوح الداخلي في قمتها والصراع في أسوأ حالاته على خلاف الزعم بإعادة إعمار البلاد وتحسن الأمور.
ومن الناحية القانونية لا توجد قيود على الدول الأوروبية لترحل الأفغان بموجب الاتفاق الأفغاني الأوروبي الذي استهدف في الأساس الأشخاص الذين رُفضت طلباتهم للجوء مراراً. لكن باتريشا جوسمان من منظمة «هيومن رايتس ووتش» ترى أنه يجب مراعاة معايير أخرى. وذكرت «جوسمان» في اتصال معها من بروكسل أن موقف الحكومات الأوروبية مثير للسخرية لأن «ممثلي سفاراتها في كابول لا يخرجون إلا وهم يستقلون سيارات مصفحة، ويرتدون دروعاً لكامل الجسم، بينما يقولون إنه من الآمن عودة الناس إلى البلاد» وتعتقد أنه «بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة يجب ألا يرحلوا الأفغان. ولا نطالب بهذا على أساس قانوني، لكن على أساس أخلاقي».
 
سكوت بيترسون
صحفي متخصص في شؤون الشرق الأوسط
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»