تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خلال سياسات التشغيل فيها، إلى مضاعفة أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى 10 أضعاف الرقم الحالي بحلول عام 2021، حيث أطلقت الحكومة الاتحادية في دولة الإمارات مبادرة التوطين، لزيادة انخراط المواطنين الإماراتيين في سوق العمل، وتحديداً في القطاع الخاص، مولية الأهمية الكبرى لخلق فرص وظيفية لهم، وتوفير البرامج الإرشادية والتوجيهية وبرامج التدريب والتطوير، وذلك بهدف سد الفجوة الهيكلية في سوق العمل الإماراتي، المتعلقة بغلبة القوى العاملة الوافدة على المحلية، وتمركز المواطنين في القطاع الحكومي.
وفي إطار الخطوات التي بدأتها الوزارة لتسريع عملية تمكين المواطنين من الوظائف والحصول عليها في القطاع الخاص، تبدأ وزارة الموارد البشرية والتوطين، خلال المرحلة المقبلة، تفعيل تطبيق المادة (14) من قانون العمل تجريبياً، وبشكل تدريجي، حيث تقضي المادة (14) بعدم جواز توظيف الشركات العاملة في القطاع الخاص لغير المواطنين، إلا بعد التأكد عن طريق سجلات الوزارة التي تضم قاعدة بيانات بالمواطنين الباحثين عن عمل في مختلف التخصصات، من أنه لا يوجد بين المواطنين قادرون على أداء العمل المطلوب، ما يؤكد الخطوات المدروسة والممنهجة التي سيتبعها القطاع الخاص في سياساته التشغيلية، بحيث تعود الشركات إلى قاعدة بيانات المواطنين الذين يبحثون عن عمل، والتأكد من عدم وجود مواطن يصلح للعمل في الشواغر الوظيفية التي تعرضها الشركات، حتى تتمكن بعد ذلك من إصدار تصاريح العمل للوافدين فيما لو لم تجد من يشغل الوظيفة من المواطنين.
وتواصل وزارة الموارد البشرية والتوطين، ومن خلال ما يطلق عليه «مسرعات التوطين»، جهودها في التسهيل على المواطنين في دولة الإمارات في إيجاد وظائف تناسب مهاراتهم وقدراتهم التعليمية والعملية، حيث تحرص الوزارة، وبتوجيهات من القيادة الرشيدة، على تنظيم فعاليات متعددة لتعزيز التوطين في القطاع الخاص على وجه التحديد، حيث يتم تنظيم أيام مفتوحة للتوظيف، على مستوى الدولة، تمكّن المواطنين غير العاملين وغير المقتدرين من الحصول على عمل مناسب. وتوفر الوزارة إمكانية التسجيل في بوابة «توطين» للترشح إلى الشواغر الوظيفية المعلن عنها في البوابة الإلكترونية، فضلاً عن التنسيق مع أصحاب العمل لحضور المقابلات الوظيفية مباشرة، أو من خلال حضور أيام التوظيف المفتوحة في مراكز سعادة المتعاملين، والترشيح للبرامج التدريبية والتأهيلية الفنية أو التخصصية، والاستفادة من برامج الإرشاد المهني والوظيفي، إضافة إلى تقديم برامج تدريبية للمواطنين الباحثين عن العمل مقابل التوظيف الذي تقدمه الوزارة لهم، والمقترن بالمهارات المطلوبة بالوظيفة، بعد التوقيع على عقود العمل.
لقد مضت دولة الإمارات العربية المتحدة قُدماً في إدارة ملف التوطين في القطاعين العام والخاص، فعملت على اعتماد سياسات واستراتيجيات عززت من استقطاب المواطنين وتشجيعهم على الانخراط في القطاعات الاقتصادية الحيوية، وإقرار مجموعة من الخطط والبرامج والمبادرات التي تعلي من قيم المسؤولية المشتركة، وتحفز الشباب الإماراتي على الالتحاق بالفرص الوظيفية المتوافرة، وبما يحقق مستهدفات الأجندة الوطنية لـ «رؤية الإمارات 2021» في هذا الخصوص، وذلك انطلاقاً من أن للمواطن الإماراتي دوراً بالغ التأثير في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ودفع عملية التنمية المستدامة إلى الأمام.
إن الاهتمام بملف التوطين في القطاع الخاص، في السنوات الأخيرة، يؤكد أن دولة الإمارات تنظر إلى هذا الملف كأولوية وطنية تستدعي تضافر الجهود وتكاملها، بحيث يتم توفير الفرص الوظيفية المناسبة للمواطنين في القطاع الخاص بشكل يحفظ حقوقهم ويصونها، ويصنع لهم المستقبل المشرق، لكونهم يملكون الطاقة الخلاقة التي يجب رعايتها ودعمها وتطويرها، لتكون فاعلة ومؤثرة في مسيرة النمو والتنمية، وذلك من خلال التأسيس لاستراتيجيات عمل وسياسات تشغيل، رسخت من ثقافة التوطين، وركزت من خلالها على منشآت القطاع الخاص التي يجب عليها إقرار آليات وحوافز تسهم في جذب المواطنين للعمل فيها، وفق بيئة عمل ملائمة، تعزز تنافسيتهم وإنتاجيتهم، وتُنمي معارفهم ومهاراتهم، وتجعل منهم مساهمين حقيقيين في مسيرة البناء والنهضة باقتدار وكفاءة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.