في 2007، كتبتُ مقالاً يدعو إلى «صفقة جديدة خضراء»، ولاحقا طوّرتُ الفكرة إلى كتاب بعنوان «حار ومنبسط ومزدحم». باراك أوباما جعل من «صفقة جديدة خضراء» جزءا من برنامجه الانتخابي في 2008، ولكن الفكرة لم يكتب لها النجاح لأسباب متنوعة. ولهذا، فإنني سعيد لأن عضوة الكونجرس «الديمقراطية» ألكسندريا أوكازيو كورتيز وآخرين قدموا آراءهم ومقترحاتهم بشأن «صفقة جديدة خضراء»، صفقة أخذت تحصل الآن على بعض الاهتمام الحقيقي.
«الصفقة الجديدة الخضراء» التي رسمت «كورتيز» خطوطَها العريضة تطمح إلى تشغيل الاقتصاد الأميركي ب100 في المئة من الطاقة المتجددة في غضون 12 عاما وتدعو إلى «برنامج لتأمين الوظائف يضمن وظيفة ذات أجر كريم لكل من يريد» و«برامج دخل أساسي» و«تغطية صحية شاملة»، تموَّل، جزئيا على الأقل، عن طريق زيادة الضرائب على الأغنياء. ولكن المنتقدين يحاججون بأن هذا غير قابل للتطبيق تقنياً وبأن دمجه مع المقترحات الاشتراكية «الديمقراطية» ستنفّر «المحافظين» الذين يُعتبر دعمهم أساسياً من أجل تمريره.
وشخصياً، أنا معجب بالإلحاح والطاقة اللذين تجلبهما «كورتيز» ومنظمات مثل «حركة الشروق» إلى هذه المهمة. ولهذا حسبي في الوقت الراهن أن أقول: لندع مئة فكرة حول «صفقة جديدة خضراء» تتبرعم! ولنرَ ما الذي سيبقى منها وما الذي سيسقط.
تعريفي الخاص لـ«صفقة جديدة خضراء»، الذي تطور منذ 2007 مع تقدم التكنولوجيا واستفحال مشكلة المناخ، يظل مركزا على كيف تستطيع ثورة خضراء في أميركا تحريك الابتكار، وتحفيز صناعات جديدة، وتحسين أمننا. ثورة كنت قد فكرتُ أيضا في أنها يمكن أن تساعدنا على استعادة رخائنا السابق بعد ركود 2007-2008.
والواقع أنه لوقت طويل جداً، كان يُنظر إلى «أخضر» على أنه مرادف لمشروع غرائبي ليبرالي غير اقتصادي وفرنسي على نحو غامض. وقد أردتُ إعادة تقديم «الأخضر» باعتباره شيئا جيواستراتيجيا ورأسماليا واقتصاديا وابتكاريا ووطنيا. وكان شعاري هو: «الأخضر هو الأحمر والأبيض والأزرق الجديد».
غير أنه للوصول إلى هذا كان رأيي هو أن «صفقة جديدة خضراء» ينبغي ألا يتبناها الليبراليون فقط. فهي ينبغي أن تلمس المحافظين أيضاً، بل وحتى منكري تغير المناخ. وطريقتي للقيام بذلك كانت تتمثل في التركيز على شيء يمكننا جميعا الاتفاق عليه: الرياضيات. فاليوم، هناك حوالي 7.6 مليار شخص على الكوكب، ووفق الأمم المتحدة، فإنه سيكون ثمة 8.6 مليار شخص في 2030. أي مليار شخص إضافي يقودون السيارات، ويستقلون الطائرات، ويأكلون البروتين، ويبنون المنازل، ويشربون المياه... في غضون عقد من الزمن ونيف.
والحال أنه إذا تبنوا جميعهم العادات الاستهلاكية لأميركيي اليوم، فإننا سنفرِط في حرق الكوكب وتسخينه وأكله وحرثه وخنقه وتلويثه، سواء تغير المناخ أم لا. وهذا يعني أن الطاقة النظيفة، والسيارات النظيفة، والصناعة النظيفة، والمياه النظيفة، وفعالية الطاقة... ينبغي أن تكون الصناعات العالمية العظيمة المقبلة – وإلا، فإننا سنمثّل – نحن البشر – تجربةً بيولوجيةً سيئةً، سواء تغير المناخ أم لا.
ولكن، من يعتقد أن الولايات المتحدة ستظل بلداً عظيما ولن تتزعم الصناعة العالمية العظيمة المقبلة؟ ليس أنا. بعبارة أخرى، إن «صفقة جديدة خضراء» تمثّل استراتيجيةً للأمن القومي الأميركي، والقوة الوطنية، وأمن الطبيعة، والزعامة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين. ومما لا شك فيه أن بعض المحافظين يمكنهم دعم ذلك.
ولكن أي «صفقة جديدة خضراء»؟ الصفقة التي أقترحُها تركّز على الابتكار. فأنا أعتقد أن ثمة شيئا واحدا كبيرا كبر «أمِّنا الطبيعة»، إنه «أبونا الجشع» – المعروف أيضا بالسوق. والواقع أنني أحسب نفسي رأسمالياً أخضر. ولو كُلِّفت بصياغة مسودة لـ«صفقة جديدة خضراء» اليوم، فإنها كانت ستتضمن رفع كفاءة الطاقة بالنسبة للمركبات، ومعايير للصناعة والانبعاثات، وقوانين بناء أقوى، وأسعارا لسوق الكربون تقول لصناعاتنا ومبتكرينا: هذه هي الأهداف، وهذا هو مستوى الطاقة النظيفة أو الكفاءة الذي عليك أن تبلغه كل سنة – وليكن الفوز حليف الشركة الأفضل.
هذه هي نسختي من «صفقة جديدة خضراء» في 2019. إنها تقول بشكل عام: إنسَ «سباق الفضاء»، فنحن لسنا في حاجة لإرسال رجل أو امرأة إلى كوكب المريخ، وإنما نحتاج إلى «سباق أرض» – تنافس على نمط السوق الحرة لضمان قدرة البشرية على مواصلة الازدهار على كوكب الأرض. و«صفقة جديدة خضراء» هي الاستراتيجية لتحقيق ذلك. ذلك أنها تستطيع جعل أميركا أكثر صحة، وأكثر غنى، وأكثر ابتكارا، وأكثر أمنا طاقيا، وأكثر احتراما.
وأنا متشوق لرؤية ما يقترحه أشخاص آخرون، ولكننا لا نملك ترف إضاعة عقد آخر من الزمن. فهذه قد تكون فرصتَنا الأخيرة لإنشاء التكنولوجيات التي نحتاجها، في الوقت الذي ما زال لدينا، وذلك من أجل إدارة الجوانب التي لا يمكن تجنبها من تغير المناخ وتجنب الجوانب التي لا يمكن إدارتها، كما يقول العلماء.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»