حسب تقارير صحفية كورية جنوبية، يبدو أن كبير مسؤولي الاستخبارات الكورية الشمالية في طريقه إلى واشنطن بهدف الاجتماع مع الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو، لكن رغم حديث الجميع عن الزيارة، التزمت إدارة ترامب الصمت بشأنها. والصحافة الكورية الجنوبية ذكرت أن «كيم يونج شول»، المسؤول الكوري الشمالي الاستخباراتي، ذاهب إلى واشنطن كي ينقل رسالة أخرى إلى ترامب من الزعيم كيم جونج أون، وللإعداد لقمة ترامب وكيم التالية. وذكرت تقارير كورية جنوبية أن المبعوث الأميركي الخاص «ستيفن بيجن» سيتوجه إلى ستوكهولم للاجتماع مع «شو سون هوي» وكيل وزارة الخارجية الكورية الشمالية الذي يحضر مؤتمراً دولياً هناك.
وذكرت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أن المسؤول الاستخباراتي الكوري الشمالي واثنين من مسؤولي كوريا الشمالية حجزوا في رحلة لشركة يونيتد ايرلاينز من بكين إلى مطار دوليس الدولي بولاية فيرجينيا، لكن إدارة ترامب مازالت ملتزمة الصمت. ومجلس الأمن القومي أحالني إلى وزارة الخارجية حين طلبت تعليقاً، لكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية أخبرني بأنه «ليس لدينا أي اجتماعات لنعلن عنها». وألغى بومبيو فجأة زيارة إلى الكويت، ويعود إلى واشنطن قبل موعده المقرر.

صحيح أن الإدارة ربما تخشى أن تقوض التسريبات العملية الهشة، لكن السر انتشر بالفعل. والأرجح أنه لا يوجد اتفاق على ما يجب إعلانه لأنه ما من سبيل لتوقع ما سيقوله أو يفعله، أو يوافق عليه ترامب إذا اجتمع مع المسؤول الاستخباراتي الكوري الشمالي. وهذا لأن ترامب يدير السياسة الخارجية دون استشارة وافية مع كبار معاونيه. وفي الأيام القليلة الماضية فحسب، أقر بومبيو أنه لم يجر تنبيهه سلفاً قبل نشر ترامب تغريدة يهدد فيها تركيا بالدمار الاقتصادي رغم أن وزارته كانت في غمرة مفاوضات حساسة مع أنقرة بشأن مصير الأكراد. وحدث هذا بعد أيام فحسب من تقويض ترامب إعلان جون بولتون، مستشاره للأمن القومي، أن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من سوريا ما لم تضمن سلامة الأكراد. أما فيما يتعلق بكوريا الشمالية، قدم ترامب تنازلات مراراً لبيونج يانج دون سابق إنذار لإدارته. فقد اعترف ترامب أنه وافق على الفور على وقف المناورات العسكرية الأميركية الكورية الشمالية حين طلب منه الزعيم الشمالي ذلك في قمة يونيو الماضي في سنغافورة.
ودأب ترامب على القول إنه يريد سحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، وهو ما يلبي رغبة أساسية لدى كوريا الشمالية والصين. وفي الأسابيع القليلة الماضية، أعلن ترامب أن كوريا الجنوبية لا تدفع ما يكفي لدعم القوات الأميركية هناك. ورسمياً انتهى الآن اتفاق الإجراءات الخاصة الذي يحكم طبيعة علاقة مقاسمة التكلفة. وأسوأ احتمال هو أن يوافق ترامب على سحب القوات الأميركية من شبه الجزيرة الكورية في اجتماعه التالي مع الزعيم الشمالي، محملاً الكوريين الشماليين مسؤولية هذا. وهنا يأتي دور بومبيو و«بيجن». فقد حاول الأخير على مدار شهور الاجتماع مع شو، وكيل وزارة خارجية كوريا الشمالية، لكنه لم يفلح في ذلك. وفي ديسمبر توجه «بيجن» إلى كوريا الجنوبية، وأعلن أن إدارة ترامب مستعدة لمناقشة سلسلة إجراءات لبناء الثقة مع بيونجيانج. ومجرد اجتماعه مع «شو» يمثل علامة على بداية عملية دبلوماسية حقيقية.
وذكرت مصادر أن وجهة نظر «بيجن» تتمثل في أن نجاح القمة التالية يعتمد على النجاح في الإعداد لها، وأن الولايات المتحدة يتعين عليها تقديم بعض التنازلات حتى يستطيع ترامب تقديم صفقة للزعيم الكوري الشمالي يجري بموجبها إحداث تغيير جذري في اقتصاد الشمال في مقابل نزع كامل للأسلحة النووية، أو تحقيق خطوة كبيرة على هذا الدرب على الأقل.
ويعتقد المتشددون والمتساهلون على السواء في واشنطن وسيئول أن الخطة برمتها وهمية إلى حد كبير، وأن الزعيم الكوري الشمالي يستغل الوقت فحسب ليتملص تدريجياً من العقوبات مع إرباك الدبلوماسيين الأميركيين دون أن يقدم على نزع كامل للأسلحة النووية. وأشاروا إلى أن كوريا الشمالية لم تقطع خطوة واحدة على طريق نزع الأسلحة، ومازالت تطور برامجها النووية والصاروخية. وأشاروا إلى أن نظام «كيم» لم يقدم حتى بياناً عن ترسانته الحالية، وهو ما كان يمثل حتى وقت قريب شرطاً لانعقاد القمة التالية. وإذا صح ما يقولونه، فإن ترامب يقع في حبائل نظام كيم.
وتوقيت زيارة المسؤول الاستخباراتي الكوري الشمالي لواشنطن تثير ريبة البعض. وبسبب زيارته السويد، لم يستطع «بيجن» حضور اجتماع ترامب مع الزعيم الاستخباراتي الكوري الشمالي، فهذا قد يرجح كفة التفاوض في صالح كوريا الشمالية. ومن دون وجود «رجل التفاصيل» بجانب ترامب، قد يُستدرج الرئيس إلى صفقة يراها مستشاروه سيئة. وترامب عازم على إجراء قمة ثانية مع الزعيم الكوري الشمالي، ولن يستطيع أحد في فريقه منعه حتى إذا حاول ذلك. ولذا يتعين على مسؤولي ترامب محاولة إعداده للنجاح مع حسن التعامل مع الكوريين الشماليين والجنوبيين والصينيين أيضاً. وهذه مهمة شبه مستحيلة حتى في ظل إدارة بيروقراطية جيدة للعملية ورئيس واضح التوجه وعليم بمجريات الأمور، لكن لا شيء من هذا متوافر.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»