ُتحقق الحكومة النرويجية حالياً في «تايدل»، وهي خدمة البث الموسيقي التي يملكها مغني الراب الأميركي «جاي زي»، على خلفية ادعاءات بالتلاعب بأرقام البث. وبغض النظر عما إن كانت الشركة مذنبة أم لا – هي تنفي كل الاتهامات جملة وتفصيلاً – فإن القطاع الذي تشتغل يعاني مشاكل تتعلق بأرقام مشكوك فيها بخصوص عدد الجمهور. وقد سبق لشركتي «فيسبوك» و«تويتر» أن واجهتا اتهامات مماثلة بشأن حسابات مزيفة وبيانات مشكوك فيها بخصوص عدد مشاهدات الفيديوهات على منصتيهما.
النرويجيون مهتمون بـ«تايدل» لأنها شركة محلية تقريباً. ذلك أن «جاي زي» اشترى الشركة الأم «أسبيرو» في 2015 من الشركة الإعلامية النرويجية «شيبستيد إيه إس إيه». وكان طموح فنان الهيب هوب الأميركي هو إنشاء بديل لرائد القطاع، شركة «سبوتيفاي تكنولوجي إس إيه» السويدية، بجودة صوت أفضل وعائدات أعلى للموسيقيين. ولكن المشروع لم يحقق النجاح المنشود، وإنْ كان «جاي زي» قد أبلى بلاءً حسناً عموماً. ففي 2017، اشترت شركة «سبرينت كورب» ثلث أسهم «تايدل» مقابل 200 مليون دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الـ56 مليون دولار التي دفعها المغني الأميركي مقابل ملكية الشركة كلها.
وفي يونيو الماضي، قدّرت شركة أبحاث السوق «ميوزيك ووتش» أن لدى «تايدل» 3 ملايين مشترك، بما في ذلك المشتركين من أصحاب الحسابات التجريبية – وهو ما يعادل أقل من 4 في المئة من إجمالي مشتركي «سبوتيفاي» الذين يدفعون.
وكان «تايدل» قد أعلن عن بلوغ عتبة 3 ملايين مشترك قبل عامين من ذلك التاريخ تقريباً، ولكن أرقامه كانت محل خلاف وتشكيك. ففي 2017، ادّعت صحيفة «داجنز نارينجسليف» أول مرة أن خدمة «تايدل» تتلاعب بالأرقام. والواقع أن جاي زي نفسه كان قد اتهم «شيبستد» ببيعه شركة ذات عدد مشتركين مضخم. ولكنّ أياً من الادعاءين لم يُبحثا من قبل القضاء.
غير أن التحقيق الحالي لا يتعلق بأرقام المشتركين وإنما ببيانات البث. ففي مايو 2018، أفادت صحيفة «داجنز نارينجسليف»، استناداً إلى ما قالت إنها بيانات ضخمة من «تايدل»، بأن الشركة عمدت إلى تضخيم أرقام البث بالنسبة لألبومين «بابلو لايف» للمغني كانييه ويست و«ليمونيد» لزوجة جاي زي، بيونسي. الألبومان صدرا في 2016، وأعلنت خدمة «تايدل» أنهما بُثا 250 مليون مرة و306 ملايين مرة، على التوالي – وهو عدد مفاجئ بالنظر إلى قاعدة مشتركيها الصغيرة نسبياً.
والواقع أن هناك دافعاً لتضخيم الأرقام. ذلك أن شركات البث الموسيقي تخصص حصةً معينة من عائدات الاشتراك لدفع مستحقات الفنانين. وهذه الأموال التي يتم تجميعها تقسّم بين الفنانين وفق نصيبهم من إجمالي مرات البث. وعلى سبيل المثال، إذ ارتفع عدد مستمعي كانييه ويست بشكل كبير، فإنه سيتلقى قدراً أكبر من الأجر المالي من دون أي كلفة إضافية بالنسبة لخدمة البث الموسيقي، ولكن على حساب فنانين آخرين.
والواقع أنه منذ انتخاب دونالد ترامب سنة 2016، خضعت شركات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر ويوتيوب، لضغوط من أجل إزالة الحسابات المزيفة. وقد شرعت هذه الشركات في نشر تقديرات دورية ومنتظمة لأرقامها. صحيح أن تطبيقات بث الموسيقى لا تُستخدم في الحملات الانتخابية، وبالتالي، فإن أشياء أقل بكثير تُعرف عن الأنشطة التدليسية الموجودة في القطاع. ولكن ذلك ينبغي أن يتغير من دون شك، لأن التلاعب بالبيانات مشكلة تنتشر عبر كل منصات التكنولوجيا الحديثة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»