التقييم الموحد لمادة التربية الأخلاقية الذي سيتم تطبيقه في أبريل المقبل، كما صرح بذلك محمد خليفة النعيمي، مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي خلال فعاليات اجتماع مديري المدارس بشأن برنامج التربية الأخلاقية في الدولة، ينطوي على أهمية كبيرة، حيث يستهدف بالأساس اختبار مفاهيم الطلاب وقياس استيعابهم للمادة، وطرق تدريسها، وكيف استفادوا من هذا البرنامج، سواء في تغيير سلوكياتهم أو في تبني منظومة القيم الإيجابية التي تعكس التجارب الإنسانية المشتركة، وقياس مدى استيعابهم للمفاهيم الأخلاقية التي تدرّس لهم. وفي الوقت ذاته تعمل وزارة التربية والتعليم على إعداد برنامج تأهيل المعلم لتدريس مادة التربية الأخلاقية، وإدخال هذه المادة في رخصة المعلم قريباً، أسوة بالمواد الدراسية الأخرى، كما يتم العمل حالياً على توفير منهجية لإعداد مدرس تربية أخلاقية يستطيع تدريس هذه المادة بكفاءة عالية.
ومؤخراً، تم إعلان تنفيذ مجموعة من المبادرات خلال الفترة المقبلة بشأن مادة التربية الأخلاقية التي تشمل وضع وتنفيذ المنهاج الوطني للتطوير المهني لمعلمي ومنسقي مادة التربية الأخلاقية، وتقديم الدعم للمدارس لتعزيز مشاركة أولياء الأمور، ومواصلة مراجعة المناهج وتطوير الموارد، وإطلاق دراسة من أجل تقييم تأثير البرنامج لضمان التنفيذ الناجح، بما يحقق مزيداً من التغذية الكافية بالثقافة الأخلاقية. إن العمل على إعداد مدرسي التربية الأخلاقية وتأهيلهم بشكل علمي وتربوي سيعظم بلا شك الاستفادة من تدريس هذه المادة وإحاطة الطلاب بأبعادها المختلفة، باعتبارها ضرورة تسهم في تعزيز النهضة الشاملة للمجتمع، إذ إن التحدي الرئيسي الذي يواجه تدريس هذه المادة يكمن في غياب المعلمين المتخصصين، الذين ربما لا يدركون ما تمثله هذه المادة من أهمية متعددة الأبعاد، تربوية وقيمية وثقافية وحضارية، لهذا من الضروري في عملية تأهيل مدرسي مادة التربية الأخلاقية: أولاً: العمل على أخذ هذا الجانب المهم في الاعتبار، وتأكيد محورية مادة التربية الأخلاقية والفلسفة التي تنطلق منها، وخاصة فيما يتعلق بدورها في بناء شخصية الطالب والمساهمة في تنشئته على القيم والتقاليد التي تعبر عن خصوصية المجتمع وهويته الثقافية والحضارية. وثانياً تأكيد فكرة أن تدريس مادة التربية الأخلاقية يتضمن التفاعل والتواصل مع البيئة المحيطة بالمدرسة، ليشمل بيئات تعليمية غير رسمية ومبتكرة، كالرحلات الميدانية وبرامج التوعية المجتمعية على سبيل المثال، لأن النظريات التربوية والتعليمية الحديثة تشير بوضوح إلى أن رسالة المدرسين تتجاوز قاعات التدريس بمراحل، ولذا فإن من الضروري أن يمزج برنامج إعداد مدرسي التربية الأخلاقية بين الجانب التدريسي داخل الفصول والجانب التفاعلي خارجها. وثالثاً، أن يكون مدرسو مادة التربية الأخلاقية ملمين بالخصوصية الثقافية والحضارية والمجتمعية لدولة الإمارات، وما تمثله هذه الخصوصية من قيم مشتركة مع الحضارات والثقافات الإنسانية المختلفة، حتى يكونوا قادرين على غرس هذه القيم في وجدان الطلبة، وتعميق إحساسهم بالولاء والانتماء إلى الوطن والعمل من أجل رفعته ونهضته.
ومنذ أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، مبادرة تدعيم العملية التعليمية بمادة «التربية الأخلاقية» في المناهج والمقررات الدراسية في يوليو 2016، والجهود والمبادرات لا تتوقف من أجل تطوير هذه المادة وتطبيقها بشكل فاعل في المدارس الحكومية والخاصة، باعتبارها تكمل العملية التعليمية وتعمقها بالبعد القيمي والحضاري والإنساني، لأنه مهما وصلت الأمم من تقدم علمي وتقني، فإن ديمومة بقائها تظل مرتبطة بمدى محافظتها على قيمها النبيلة وتمسكها بمبادئها السامية لتواصل طريقها نحو بناء حاضرها ومستقبلها المشرق. ولعل من المؤشرات المهمة التي تعكس حجم الإنجاز الذي تحقق في هذا الشأن أنه تم تطبيق برنامج مادة التربية الأخلاقية في جميع مدارس الدولة، كما تم تنظيم دورات تدريبية وتوعوية، استهدفت المعلمين والمديرين ونوابهم، وإصدار 24 كتاباً للطلبة، و24 دليلاً للمعلمين بالعربية والإنجليزية، ووضع سياسات وأدوات للتقييم تستهدف اختبار درجة استيعاب الطلاب لمادة التربية الأخلاقية، وترجمة ذلك في سلوكياتهم وتفاعلهم مع أفراد المجتمع.

 *عن نشرة "أخبار الساعة"  الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.