تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الملموسة في إقرار سياسات واستراتيجيات شاملة، تعمل من خلالها على تقديم كل ما من شأنه تسهيل الممارسات الحياتية لفئة أصحاب الهمم في القطاعات والأنشطة كافة، كالنقل والصحة والسكن والتعليم؛ حيث تعدّ الخدمات المقدمة في قطاع التعليم من أهم الأولويات التي تعمل الحكومة على التركيز عليها، من خلال مجموعة من البرامج والمبادرات التي تدمج الطلبة من أصحاب الهمم في النظام التعليمي، وتوفر لهم منظومة تعليمية تلبي حاجاتهم ومهاراتهم المختلفة، بما يتماشى مع محاور «السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم» التي أفردت محوراً خاصاً بالتعليم، كأداة مهمة لتوفير مجتمع دامج لهم.
ومؤخراً كشف معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، في حديث صحفي، عن أن الوزارة بصدد إطلاق إطار سياسة التعليم الدامج الخاص بالطلبة من أصحاب الهمم، تهتم برفع كفاءات الطلبة المستهدفين أكاديمياً، وتؤهلهم لمرحلة ما بعد الدراسة، كالحصول على الوظائف المناسبة، وتضمن لهم المشاركة الحقيقية في مختلف أوجه العمل الإنساني، وذلك من خلال تمكينهم من الاندماج في المجتمع المدرسي، وبيئات التعليم والتعلم، بشكل مستدام، وهو ما يقع ضمن إجراءاتها الضامنة لإنجاح إطار سياسة التعليم الدامج.
وتعمل وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات على تدريب المعنيين كافة من التربويين في المراحل الدراسية كافة، بدءاً من رياض الأطفال، وصولاً إلى مرحلة التعليم العالي، إضافة إلى العمل حالياً على ترخيص معلم التربية الخاصة، وإشراك أولياء الأمور بهدف تكامل الأدوار، ونشر المفاهيم التوعوية في الأوساط المجتمعية بقضايا أصحاب الهمم، ووضع الخطط والبرامج التعليمية التي تحقق أهداف التعليم الدامج. وتعمل وزارة التعليم أيضاً، وضمن سياساتها في إدماج أصحاب الهمم، على اعتماد برامج تدريبية وتأهيلية، تعمل من خلالها على تزويد المعلمين، سواء المختصين بالتربية الخاصة، أو غير المختصين، بالبرامج كافة التي تؤهلهم لتعليم أصحاب الهمم، وبشكل يواكب أفضل الممارسات الدولية في هذا الصعيد.
لقد وفرت وزارة التربية والتعليم، ومنذ عام 2008، إدارة معنية بأصحاب الهمم تهدف إلى تعزيز وتأمين حقوقهم، وتؤمن لهم الحصول على الفرص التعليمية المتوافرة لنظرائهم من غير أصحاب الهمم، من خلال تزويد المدارس بمعلمين متخصصين، فضلاً عن طرح برامج وبناء مرافق تلبي حاجات الطلبة من أصحاب الهمم، وحاجات أولياء أمورهم؛ حيث تشمل هذه البرامج إرشادات تحدد كيفية التعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية والسمعية، وبرامج تحديد المواهب، والتعرف إلى لغة الإشارة للصم، واضطرابات اللغة التي يعانيها الطلبة، وفق منظومة تعليمية تتسم بالعصرية، وتواكب التجارب التعليمية الرائدة في هذا المجال، كما تتم العناية بتوفير طرق تدريسية بمضامين تربوية حديثة، واعتماد بنية تعليم ذكية ومتطورة، تتماشى مع التطورات الجارية في مجال تكنولوجيا التعليم، إضافة إلى الاهتمام بالأنشطة المنهجية وغير المنهجية، لإكسابهم المهارات اللازمة في تقنيات البرمجة والذكاء الاصطناعي، وبما يساهم في إعداد جيل المستقبل القادر على مواكبة صنوف المهارات والمعارف الحديثة كافة.
إن إدماج أصحاب الهمم في المدارس والمؤسسات والمجتمعات، كان ولا يزال الهدف الرئيس الذي تسعى حكومة دولة الإمارات إلى تحقيقه، حيث يستمر العمل على توفير بيئة مدرسية تساعدهم على التعلم وتنمي مهاراتهم، من خلال إدماجهم في العملية التعليمية في المدارس، إضافة إلى إنشاء مراكز دعم للتربية الخاصة، وصل عددها إلى سبعة مراكز، فضلاً عن العمل حالياً على إنشاء سبعة مراكز أخرى، تشمل إمارات الدولة كافة، إضافة إلى مواصلة العمل على تطويع أدوات التعلم، لتكون مناسبة لأنواع الإعاقة على اختلافها، باعتبار أصحاب الهمم شريحة مهمة يجب الاستثمار في عقولها، عبر حزمة من التشريعات والقوانين والسياسات التي تطور من مهاراتهم ومواهبهم، وتمكّنهم من التغلب على المعوقات، وتيسّر عملية تواصلهم الاجتماعي مع الآخرين، وترفع من مستويات قدراتهم على استيعاب وتطبيق مهارات الحياة، وتلبي احتياجاتهم الشخصية والاجتماعية والوجدانية، وتدمجهم في مسارات التنمية والتطور.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية