على الرغم من التأثير السلبي المتوقع على موقف نتنياهو الانتخابي إذا ما قدم المستشار القضائي للحكومة عريضةَ اتهام ضده في قضايا الفساد قبل موعد الانتخابات المقررة في التاسع من أبريل، فإنه يمتلك أوراقاً تضع حوله هالة كاريزماتية ليس فقط في أعين مؤيدي اليمين، بل ومؤيدو الوسط أيضاً.
ولعل استخدام نتنياهو لهذه الأوراق سيمكنه من التغلب النسبي على التأثير السلبي لعريضة الاتهام، خصوصاً أنه سيتعمد بلورتها وإبرازها من الآن وحتى يوم الانتخاب، ليدلل للناخبين على تفوقه في خدمة مصالح إسرائيل على جميع المتنافسين على مقعد رئاسة الوزراء. مهم أن نعلم أن الشخصيات الثلاث التي تقدم نفسها كبديل لنتنياهو في مقعد رئيس الوزراء، هم «بني جانتس» رئيس الأركان السابق وزعيم حزب «حسينوت ليسرائيل» (أي «حصانة لإسرائيل»)، و«يائير لابيد» زعيم حزب «يش عاتيد» (أي «هناك مستقبل»)، و«آفي جاباي» زعيم حزب «العمل».
لقد دلت استطلاعات الرأي على أن جانتس يأتي في المرتبة الثانية بعد نتنياهو بفارق طفيف، وأنه يستطيع تحقيق نتيجة أفضل إذا نجح في توحيد أحزاب الوسط تحت قيادته، غير أن تحركات نتنياهو كرئيس حالي للوزراء تمنحه أفضلية إظهار مواهبه وإنجازاته. من الأوراق الثقيلة التي ألقى بها نتنياهو أخيراً في ساحة الدعاية الانتخابية، ورقة إيران وورقة تشاد والسودان.
تنتمي ورقة إيران إلى مجال الأمن، وهو من أهم المجالات بالنسبة للناخب الإسرائيلي ولذا فبعد فترة صمت وغموض وضبابية امتدت لسنوات حول العمليات العسكرية الإسرائيلية الهادفة لزعزعة الوجود العسكري لإيران و«حزب الله» على الأراضي السورية، اختار نتنياهو أن يكسر هذه الحالة بعد تحديد موعد الانتخابات، فأعلن أن الجيش الإسرائيلي نفذ آلاف عمليات القصف والتدمير للقواعد الإيرانية، وسبق بإعلانه هذا إعلان رئيس الأركان عن هذه العمليات. وبهذا أظهر نفسه للجمهور كرئيس وزراء قادر على توجيه وقيادة الجيش في مواجهة إيران التي تهدد بتدمير إسرائيل.
صحيح أن بعض المعلقين العسكريين الإسرائيليين رأوا في إنهاء سياسة الغموض والضبابية ورقةً مهمةً في الحرب النفسية ضد الجناح المتشدد في إيران والذي يقود استراتيجية التواجد العسكري خارج الحدود الإيرانية، إلا أن هذا لا ينفي من وجهة نظري الفائدة الانتخابية التي حققها نتنياهو في هذا الشأن. ويرى هؤلاء المعلقون أن هناك خلافاً في طهران بين الجناح المتشدد وجناح آخر لا يحبذ التواجد العسكري خارج الحدود الإيرانية، وأن الإعلان الإسرائيلي عن العمليات الناجحة ضد القواعد الإيرانية في سوريا سيشجع الجناح المعتدل ويضع الجناح المتشدد في حالة حرج بإظهار فشله العسكري في حماية قواعده من الضربات الإسرائيلية على الأرض السورية.
أما الورقة التشادية والمالية فقد راح نتنياهو يستخدمها متباهياً بقدراته على فك الحصار عن إسرائيل وتوسيع تواجدها السياسي الخارجي، خصوصاً في بلد إسلامي مثل تشاد له أهمية استراتيجية لقربه من ليبيا والسودان. وأفاضت وسائل الإعلام المؤيدة له في الحديث عن أهمية مرور طائرته أثناء العودة في أجواء دولة جنوب السودان بموافقة سلطات الطيران المدني في الخرطوم التي تدير هذا المجال الجوي.
لن تكون الورقة الإيرانية والورقة التشادية آخر الأوراق التي يستخدمها نتنياهو للدعاية الانتخابية، فما زالت هناك الورقة الأهم وهي ورقة العلاقات الناجحة بينه وبين الإدارة الأميركية والتي سيبرزها مع زيارته لواشنطن قبل الانتخابات.