يريد وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، الذي أعلن استقالته، واثنان من كبار المشرعين «الجمهوريين» إقناع الرئيس دونالد ترامب بعدم تقليص ميزانية الدفاع، محتجين بأن التقليص سيكون خطراً على الأمن القومي وليس جيداً من الناحية السياسية. ولطالما افتخر ترامب بأنه أعاد بناء الجيش بعد سنوات من إهمال الرئيس باراك أوباما. لكن مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض طلب تقليصاً بنسبة 5% لكل الوزارات، ومنها البنتاجون، من ميزانية العام المالي 2020. وينضم إلى ماتيس «الجمهوري» جيمس أنهوف رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، ونظيره الجمهوري «ماك ثورنبيري» بمجلس النواب. والثلاثة يريدون استثناء البنتاجون من عملية التقليص تلك.
وتمثلت خطة إدارة ترامب في زيادة ميزانية البنتاجون من 716 مليار دولار عام 2019 إلى 733 مليار دولار عام 2020. لكن خطة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض تخفض إجمالي ميزانية البنتاجون إلى 700 مليار دولار. وجادل أنهوف وثورنبيري في الأيام القليلة الماضية في مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال» أن هذا التقليص سيضر باستعداد الجيش ويضر بجهود البنتاجون للاستعداد لتهديدات المستقبل. وعزز ماتيس مقالهما بكلمة ألقاها في «منتدى ريجان للدفاع القومي» في كاليفورنيا قال فيها إن تقليص ميزانية الدفاع لها «أضرار خطيرة على قواتنا وعلى الشعب الأميركي الذي يخدمونه ويحمونه».

صحيح أنه يمكن اعتبار تعليقات ماتيس مناقضة البيت الأبيض أو على الأقل مكتب الإدارة والميزانية، لكن مسؤولاً بارزاً من الدفاع أكد أن الأمر ليس كذلك، وأن ماتيس يجادل في الواقع ضد العودة إلى قيود «قانون التحكم في الميزانية» لعام 2011 الذي فرض خفضاً أشد في الإدارة السابقة. ويريد «ماتيس» أن يوضح للرئيس أن ميزانية تبلغ 700 مليار دولار لا تحقق الجاهزية والتحديث للجيش. وتقوم استراتيجية الدفاع القومي لماتيس على ميزانية تبلغ 733 مليار دولار عام 2020. ودون هذه الأموال يتعين تعديل الاستراتيجية.

وصرح معاون «جمهوري» بارز في الكونجرس أن «ماتيس» و«أنهوف وثورنبيري» يعملون سوياً كي يجعلوا مكتب الإدارة والميزانية يتراجع عن التقليص. وأكد «كلاود تشافين» المتحدث باسم «ثورنبيري» أن «الهدف هنا هو إقناع الرئيس بألا يقلص ميزانية الدفاع. رئيس لجنة الخدمات المسلحة تواصل مراراً مع البيت الأبيض في قضايا الأمن القومي خلال فترة ولاية الرئيس. وهذا ليس إلا خطوة أخرى في هذا الحوار الطويل. لكن رئيس اللجنة يشعر أيضاً بقوة أن هذا النوع من المحادثات من الأفضل أن يظل سرياً». والأمر لا يتعلق بالأمن القومي فحسب، بل يتعلق بالسياسية أيضاً. فالقيادة «الديمقراطية» المقبلة لمجلس النواب تشير بالفعل إلى أنها تريد تقليص إنفاق الدفاع. وصرح بهذا علناً عدة مرات «الديمقراطي» آدم سميث، الذي سيحل قريباً محل «ثورن بيري» رئيساً للجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب. «أنهوف» و«ثورنبيري» ليسا إلا قائمين بإجازة أرقام الميزانية التي يرجع الأمر في نهاية المطاف فيها إلى القيادة والقائمين بتحديد المخصصات المالية. لكنهما نجحا في الحصول على ميزانية تبلغ 716 مليار دولار لعام 2019 ضد مقاومة من داخل حزبهم. ودون سيطرة «جمهورية» على مجلس النواب العام المقبل، سيكون تحقيق هذا أكثر صعوبة. وإذا استطاعا أن يقنعا ترامب بدعم قضيتهما، فسيمضي هذا في طريق طويل. و«الجمهوريون» في الكونجرس يعتقدون أنه إذا تقلصت ميزانية البنتاجون، فسيكون الديمقراطيون هم المسؤولين عن هذا.
وأرقام الميزانية لن تكون إلا نقطة واحدة في الجدل بين «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» بشأن الدفاع العام المقبل. وتبادل «أنهوف» و«سميث» بالفعل الانتقادات ومن المقرر أن يتصادم الاثنان بشأن السياسة النووية والصين وقضايا أخرى. لكن الجدل بشأن الميزانية حيوي لأنه يؤثر على كل شيء آخر تقريباً. ودأب ماتيس على إعلان أن ميزانية الدفاع منخفضة تاريخياً مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي. وهذا صحيح، لكن بلادنا تواجه أيضاً تحديات مالية واقتصادية غير مسبوقة تتطلب تحديد الأولويات والاختيار بينها وإدارة المخاطر.
ومبلغ 700 مليار دولار أكبر عدة مرات من الميزانية العسكرية لأي بلد آخر، لكن الولايات المتحدة تستطيع في نهاية المطاف تحمل أي كلفة للحفاظ على أمنها. ويشير تود هاريسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن «المشكلة في الدفاع ليس حجم الميزانية، بل يتعلق بكيفية إنفاق الميزانية».
 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»