"هناك اعتبارات عدة، تجعل الارتباط بين أمن الخليج العربي وأمن البحر الأحمر حقيقة قائمة لا مفر منها. وراهن المنطقتين يثبت مفهوم «أفرابيا» للمفكر الكيني الراحل، الدكتور علي مزروعي، أي الارتباط القوي بين القرن الأفريقي وشرق أفريقيا وبين شبه الجزيرة العربية. فالمكونات الثلاثة، تشكل تكتلاً إقليمياً واحداً"، هكذا وصفت «الاتحاد»، في ملف نشرته بعنوان «رؤية عربية لأمن (أفرابيا).. ثلاثية الخليج والبحر والقرن».
قطر لا تعير هذه المكونات الثلاثة أي اعتبار، لا لجهة ما يترتب عليها من منافع عربية، ولا لجهة صلتها بالبحر الأحمر والخليج العربي.. بل تريد القفز على حقائق واقعها، حجماً وفعلاً، محاوِلةً ممارسةَ وثبة الأطفال، لعلها تسبق زمانها وتلحق بركب غيرها، لذلك اختارت أسهل الطرق، أي أن تشتري نفوذاً مشاكساً بالمال والرشوة دون جهد سياسي. فقد أحدثت انقساماً اجتماعياً وسياسياً داخل الصومال وزادت أوضاعه سوءاً، وحولته إلى دولة فاشلة بالمفهوم السياسي. ودمرت علاقات الصومال بجيرانه وأشقائه العرب.. وضغطت على الرئيس الصومالي الحالي عن طريق عملائها في الداخل، لانتهاج تصرفات وسياسات استفزازية، حدَت بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنهاء مهمة قوتها التدريبية للجيش الصومالي. وقد أقدمت الدوحة على ذلك لأنها تتحسس بشكل هستيري من أي حضور للإمارات، وتغار من تنامي علاقاتها بالعالم الخارجي، ومن تبؤها مكانة إقليمية وعالمية مرموقة.
التدخلات القطرية في الصومال، جعلت محللين بارزين في الأوساط الاستخباراتية الغربية، يؤكدون أن قطر تعِد الصومالَ كساحة لمغامراتها، تحت ستار العمل الإغاثي والخيري، وتستغل عملاءها في مقديشو لتجنيد الشبان الصوماليين وجعلهم بمثابة «فيلق» تابع للجيش القطري، عبر إغداق الأموال على حركة «الإصلاح» الإخوانية الإرهابية ذات الصلة المباشرة بتنظيم «اتحاد المحاكم الإسلامية» الإرهابي، مما يثير قلق القادة الوطنيين في الصومال.
قطر تحاول تعويض نواقصها وضعفها البنيوي وعوارها السياسي والعسكري، عبر الاستقواء بتحالفاتها الشاذة والخارجة على نص مجلس التعاون الخليجي والعربي، مع تركيا وإيران، إذ نجد أنها تخدمهما ولا تتخادم معهما. فقطر ينطبق عليها وصف «الجماعة الوظيفية»، لما تؤديه من أعمال لصالح الولايات المتحدة الأميركية، عبر تواصلها مع المليشيات والجماعات والفصائل الإرهابية. هذه الخدمة هي فقط ما يشفع لقطر كي تبقى خارج دائرة الضغط الأميركي مؤقتاً! وكذلك ما تقدمه من خدمات لتركيا وإيران، وإن كان يضر بشقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي!
قطر في مجمل تحركاتها لا تخدم المصالح الخليجية ولا المصالح العربية، فما تؤديه من أدوار مشبوهة تريد به صالح تركيا وإيران دون اكتراث لما تلحقه من أذى وضرر بشقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي.
وفي الفترة الأخيرة سعت قطر من خلال الصومال إلى الإضرار بجيرانه، وبالتحديد جارته كينيا، والتي تعرضت في الأيام الأخيرة لهجوم انتحاري دموي من جانب تنظيم «الشباب» الصومالي الإرهابي في نيروبي.
ووفقاً لمعيار المكاسب الوطنية والسياسية، سنجد قطر خاسرةً ولا تكسب شيئاً سوى المزالق، وبذلك أصبحت علامةً سلبية بسبب دعمها المليشيات والتنظيمات الإرهابية.
وبالمقابل فإن الإمارات بعلامتها الإيجابية المميزة هي مَن قام بالمصالحة بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا، وأضافت الشقيقة المملكة العربية السعودية بصمتها المميزة لهذه المصالحة بتوقيع معاهدة جدة للسلام الإثيوبية الأرتيرية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.
يسجل التاريخ في سجل أدوار الدول، أن دولة الإمارات، ترعى الشقيق والصديق، ولا تكسر عصا القياس في كل الأحوال.