تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تحقيق قاعدة اقتصادية متنوعة، اعتمدت فيها على تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية كافة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث أقرت تشريعات، ورسمت سياسات واستراتيجيات عززت من مكانتها الدولية في قطاعات عدة، كالصناعة والتجارة والبنى التحتية والسياحة، وقطاع النقل الذي يعدّ من أهم القطاعات الفاعلة والمتطورة في الدولة، وعلى رأسها قطاع النقل الجوي، الذي أثبت جدارته وتميزه نتيجة تطور المطارات والطائرات المتقدمة، الأمر الذي عزز من أعداد المسافرين القادمين إلى الدولة كزائرين، أو عابرين لدول أخرى.
وخلال «القمة العالمية للاستثمار في قطاع الطيران»، التي انطلقت فعالياتها في دبي تحت شعار «ربط الأسواق المتقدمة والناشئة عبر الاستثمار في قطاع الطيران»، يوم الاثنين الموافق 28 يناير الماضي، قال معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، إن الاستثمارات البالغة نحو 85 مليار درهم في مشاريع توسعة وتطوير المطارات الجارية حالياً في دولة الإمارات العربية المتحدة، ستسهم في رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات لتصل إلى 300 مليون مسافر سنوياً، مقدّراً قيمة الالتزام تجاه تسليم الطائرات الجديدة حتى عام 2029 بما يصل إلى 113.7 مليار درهم، فيما توقع أن تبلغ كلفة تجديد الطائرات نحو 150 مليون دولار خلال العام الجاري.
إن دولة الإمارات تولي اهتمامها الكبير بتطوير ناقلاتها الوطنية، والاستثمار فيها بمليارات الدولارات، وذلك بالتوازي مع ما يتم ضخه من استثمارات في المطارات، ما سيزيد من مساهمة قطاع النقل، وخاصة الجوي، في النمو الاقتصادي، وترسيخ مكانة الدولة، إقليمياً وعالمياً، إذ بلغت قيمة الاستثمارات في قطاع الطيران، خلال العقود الماضية، نحو تريليون درهم، متوقعاً معاليه أن ترتفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 15% حالياً إلى 20% خلال السنوات المقبلة، وأن تسجل صناعة النقل الجوي في الدولة ارتفاعاً في الطلب، يصل إلى 5% سنوياً خلال العقدين المقبلين.
وتنظر دولة الإمارات إلى الاستثمار في قطاع الطيران، بوصفه آلية مهمة لمواكبة الاقتصاد العالمي مستقبلاً، لكون احتياجات الاستثمار العالمي في قطاع الطيران تتطلب ما قيمته 1.8 تريليون دولار، خلال الفترة من عام 2015 إلى عام 2030، إضافة إلى أن القطاع سيشهد مستقبلاً نمواً مضاعفاً في أعداد المسافرين، الأمر الذي جعل دولة الإمارات تدرك أهمية زيادة الاستثمارات في أنشطة التحديث والتوسعة الخاصة بالبنى التحتية للمطارات، إضافة إلى إشراك مستثمرين جدد في هذا القطاع، لضخ وتمويل مشروعات التحديث والتطوير، كشركات التأمين والبنوك والمناطق الحرة وشركات البناء والصناديق السيادية، وغيرها.
إن اعتماد دولة الإمارات استراتيجية وطنية تدعم الجهود الرامية إلى تنويع الاقتصاد، جعلها تركز على إنتاج صناعات الطيران المتقدمة، وذلك تحفيزاً لبناء قاعدة صناعية محلية متنوعة، وتوفير فرص عمل متميزة للمواطنين والمقيمين، إذ يوفر قطاع النقل الجوي نحو 500 ألف فرصة عمل لـ9 ملايين نسمة يعيشون في الدولة، كما يتوقع أن يسهم القطاع بما نسبته 16% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة بحلول عام 2025، ما حفزها إلى عقد شراكات مع العديد من الشركاء المحليين والدوليين، لتطوير واستخدام تقنيات الجيل الجديد في قطاع صناعة الطيران، والاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة عبر ابتكارات رائدة، كالطباعة ثلاثية الأبعاد و«إنترنت الأشياء» والذكاء الاصطناعي والأتمتة، وبما يجعل قطاع الطيران نموذجاً يحتذى به في جودة ومستويات الخدمات العالية.
كما أدركت دولة الإمارات ضرورة تقديم مجموعة من المزايا والحوافز والفرص الاستثمارية في قطاع الطيران، حيث سمحت للقطاع الخاص بالاستثمار في هذا القطاع، ووفرت العديد من المحفزات للمستثمرين التي من شأنها أن تشجعهم على ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، من بيئة تشريعية وبنية تحتية، تلبي احتياجاتهم في قطاع الطيران، كالأنشطة المتعلقة بالشحن أو التدريب أو الصيانة، مدعوماً بالمناخ الذي توفره الدولة في سهولة ممارسة الأعمال وحماية المستثمرين، وتوافر عاملَي الاستقرار والأمان.
* عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.