في 26 مارس 2015 قامت عدة دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية تحت مسمى التحالف العربي في اليمن بتدشين عاصفة الحزم وإعادة الأمل كعملية عسكرية طموحة لإعادة الأمن والسلام بعد أن طلبت حكومة اليمن الشرعية منها ذلك. وقد اضطرت الحكومة الشرعية المنتخبة بقيادة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي للإقدام على ذلك الطلب بعد أن أقدم الحوثيون على الانقلاب واغتصاب السلطة الشرعية بدعم من إيران التي فتحت الأبواب أمامها على مصراعيها لبسط نفوذها وبث فكرها المتطرف وتغيير هوية اليمن العربية وتحويلها إلى تابع مذهبي لأصحاب العمائم في قم وطهران. وهذه الحقيقة في التوسع وبسط النفوذ شأن معلوم عن إيران منذ أن قامت الثورة فيها عام 1979، لكن غير المعلوم والذي تستخدم فيه إيران نمطا من التقية المفرطة وإخفاء النوايا السيئة هو طعن السعودية في خاصرتها الجنوبية الغربية ومحاصرتها على حدودها في تلك المنطقة وربما التسلل منها إلى الداخل السعودي.
وربما أن عددا من المواطنين العرب يجهلون هذه الحقيقة، ولا يعلمون بأن الحرب الدائرة في اليمن اليوم لم يدخلها التحالف العربي لأنه يريد ذلك حباً في الحرب ذاتها، إنما يحدث ذلك كرد فعل منطقي على محاولات "الحوثيين" وإيران ومن يساندهم تطويق الجزيرة العربية والمساس بأمن وسلامة دولها، ولو لم تبادر السعودية ودولة الإمارات والدول العربية الأخرى الأعضاء في التحالف العربي في اليمن إلى الوقوف الصلب في مواجهة الخطر «الحوثي» وخطر التوسع الإيراني لكانت اليمن قد وقعت لقمة سائغة في أنياب الضبع الإيراني الذي يشكل في هذه المرحلة العدو اللدود الأول للأمة العربية، ولكان «الحوثيون» قد عاثوا فساداً في أرض اليمن بأضعاف مضاعفة من الذي يقومون به الآن دون حسيب أو رقيب أو مقاوم لأفعالهم المشينة.
«عاصفة الحزم وإعادة الأمل» في اليمن هي مبادرة شجاعة كسرت قاعدة سياسة التردد والتريث والترقب التي كانت سائدة وتمارس حتى وقت قريب تجاه ما يفعله «الحوثيون» في اليمن منذ مدة، وتجاه إيران وتطلعاتها التوسعية في دول الجزيرة العربية، وأظهرت للطغمة الحاكمة فيها من أصحاب العمائم بأن العرب لا يعبؤون بالتهديدات التي توجه نحوهم، فالأحداث الدائرة تعد اختباراً حقيقياً لقدرات السعودية والإمارات ودول التحالف العربي في اليمن من النواحي المادية والمعنوية والعسكرية لأنها تعكس تساؤلات عميقة حول الأمن الوطني والإستراتيجي للمنطقة، ولصلابة وقوة الإرادة لديهم للدفاع عن الذات والتصدي للمطامع التوسعية والنوايا السيئة تجاههم حاضراً ومستقبلاً.
ما يجري في اليمن يشرح بوضوح لماذا تقوم السعودية والإمارات والدول العربية الأخرى المنضوية بالتحالف الإستراتيجي مع بعضها بعضاً للدفاع عن اليمن والعمل على إعادة الشرعية فيه ومحاربة الإرهاب الآتي من «الحوثيين» وإيران و«القاعدة» وغيرهم من الفلول والمرتزقة، وهو تحالف يحدث لأول مرة في تاريخ العرب الحديث. إن موقع اليمن الإستراتيجي المهم على مداخل البحر الأحمر، والمساحة التي يتمتع بها في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية يفسر لماذا تقوم دول التحالف بهذا العمل الجبار للرد على العبث «الحوثي» والإيراني. الدول المتحالفة تقدم تضحيات كبرى من دماء أبنائها ومواردها بكل تفان وإخلاص ليس لأنها طلابة حروب، لكن دفاع متقدم عن النفس لمنع «الحوثيين» وإيران من الاستفراد باليمن واغتصابه من الحضن العربي وليس لأي شيء آخر.
*كاتب إماراتي