كان الرئيس باراك أوباما على وفاق مع إيران أثناء فترة رئاسته أميركا لفترتين (2017- 2009) بخلاف الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي تبنى سياسة ضد إيران بعدما اكتشف حقيقة برنامجها النووي والاتفاق المبرم حوله الذي يوصف أنه مليء بالثغرات التي استفادت منها إيران على أكثر من صعيد، إضافة إلى ممارساتها السياسية المتفلّتة من القيم والمعايير الدولية المتعارف عليها، إلى جانب دعمها المفتوح المالي واللوجستي والعسكري لأذرعها الميليشياوية في غير مطرح في المنطقة العربية خصوصاً العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين، وبلدان إقليمية كأفغانستان، فضلاً عن بعض البلدان الإفريقية.

إلى الآن يجهل كثيرون ما العوامل أو الأسباب التي دفعت الرئيس السابق باراك أوباما إلى التوافق مع إيران، وإعطاء ظهره، بالمقابل، إلى الدول العربية خصوصاً دول الخليج؟ وبما أنه لا دخان من غير نار كما قالت العرب، فلقد جاء من يكشف تلك العوامل التي كانت وراء (إعجاب) باراك أوباما بإيران ونفوره من العرب، أو يلقي الضوء في الأقل على المناخ العام لتلك المشاعر التي أثرت سلباً عليه وأفضت إلى توجهاته السياسية المعادية لقضايا المنطقة. فآخر الكتب الصادرة حديثاً في أميركا، كتاب (العالم كما هو) لمؤلفه الأميركي (بن رودس) الذي عمل مستشاراً للأمن القومي في إدارة أوباما. يؤكد المؤلف في كتابه (أن أوباما بدأ الاتصال مع إيران منذ 2010 للتوصل إلى اتفاق بشأن طموحاتها النووية. فعرضت إيران على إدارة أوباما التوقف عن الأنشطة النووية لمدة عشر سنوات، مقابل رفع العقوبات عنها، وإطلاق يدها في الشرق العربي كله. وهذا ما حصل في النهاية). ويقول بن رودس: إن إيران - ومنذ رفع العقوبات عنها - حصلت على مداخيل تزيد على أربعمائة مليار دولار، ذهب منها ما يزيد على مئة مليار دولار لدعم تمددها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وأفريقيا ودول المغرب العربي).
ومن اللافت جداً في الكتاب - الذي ربما هو في طريقه إلى الترجمة العربية - تناوله في فقرة تخص انتخابات عام 2013 في العراق، حيث يشير إلى أنه عندما فاز إياد علاوي، انزعج الإيرانيون كثيراً، فهددوا بوقف المفاوضات السرية حول البرنامج النووي، إذ أصبح علاوي رئيساً للوزراء في العراق (وطلبت إيران من أوباما بكل صراحة ووضوح أن يسهّل ويدعم وصول نوري المالكي إلى الحكم. وهذا ما كان).
ويقول بن رودس (إن المالكي هو من أعطى الأمر بفتح السجون العراقية لهروب عملاء إيران من تنظيم «القاعدة»، الذين أسندت لهم مهمة تأسيس «داعش»، وإنه هو من أمر الجيش بالهروب من الموصل عمداً وترك العتاد العسكري الذي تزيد قيمته على عشرين مليار دولار، وإبقاء ستمائة مليون دولار في فرع البنك المركزي في الموصل ليستفيد منها «داعش» عام 2014 لكي يبدأ مسلسل عمليات «داعش» وإيران في المنطقة وفق ما تشتهيه طهران). ويؤكد الكتاب على (أن أوباما كان يعلم أن إيران هي من يحرك «داعش» وكان يغض الطرف لأنه يريد أن يختم عهده باتفاق يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. في سبيل هذا الهدف كان أوباما على استعداد لدفع أي ثمن. وهذا ما حصل عام 2015). ويختم المؤلف الفصل بالتأكيد أنه (بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، أوعز أوباما لمساعديه بألاَّ يذكروا أمامه أي شيء عن الملف السوري قائلا بالحرف: تم إنجاز المهمة).

*إعلامي وكاتب صحفي