شكَّل إعلان دائرة التعليم والمعرفة مؤخراً، افتتاح أول مدرسة للطلبة الإماراتيين من ذوي التوحد، خطوة مهمة على طريق الدمج الكامل لأصحاب الهمم في المنظومة التعليمية العصرية، وإتاحة المناخ الملائم لهم لمواصلة الدراسة وفق كل الشروط والظروف المتوافرة لأقرانهم من التلاميذ والطلاب في مدارس الدولة.
وبهذه الخطوة الرائدة تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد قطعت أشواطاً متقدمة في تطبيق سياستها العامة الهادفة إلى إزالة كل أنواع الفوارق بين الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ممن يعيشون حياتهم بشكل عادي. فالمدرسة الجديدة التي تم افتتاحها بالتعاون مع شركة «برايوري» العالمية لخدمات التعليم والأطفال تحت اسم «مدرسة الكرامة» توفر بيئة تعليمية تفاعلية خاصة بأصحاب الهمم، كما تضم صفوفاً دراسية متخصصة وقاعة متعددة الأغراض وصالة طعام، بالإضافة إلى حديقة مصممة على طراز الواحات، فيما حرص القائمون عليها على ألا تتجاوز طاقتها الاستيعابية أعداداً قليلة من التلاميذ، وذلك حرصاً منها على إيصال محتواها التعليمي إلى جميع طلابها، وبالتالي تمكينهم من الانسجام مع المناهج الجديدة التي تتجاوز الأساليب التقليدية في التعليم إلى مستوى يتيح للمتلقي محتوى شاملاً يلبي احتياجاته العقلية ويعزز لديه ثقته بنفسه ويزرع داخله احترام ذاته.
وبموازاة الجهود الكبيرة التي تبذلها مختلف الأجهزة التعليمية والتربوية والمجتمعية داخل الدولة لاحتضان أصحاب الهمم وترقية حياتهم، فإن الشركة الجديدة التي ستتولى إدارة مدرسة الكرامة لأصحاب الهمم ستقدم تجربة فريدة من نوعها اعتماداً على خبرات وتجارب نخبة من المعالجين المتخصصين والمعلمين الذين سيتولون الإشراف على أكثر من 200 طالب وطالبة من ذوي طيف التوحد.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه وزارة التربية والتعليم داخل دولة الإمارات إلى إطلاق سياسة التعليم الدامج الخاص بالطلبة من أصحاب الهمم، بهدف تمكينهم من الاندماج في المجتمع المدرسي ضمن المدرسة الإماراتية، وذلك انسجاماً مع توجهات القيادة التي أولت هذه الشريحة من الطلبة اهتماماً خاصاً.
فمنذ أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تسمية «أصحاب الهمم» في شهر أبريل 2017 بدلاً من «ذوي الإعاقة»، وأعطى إشارة الانطلاق للسياسة الوطنية لتمكين ذوي الإعاقة، شرعت مختلف القطاعات في الاستجابة لتوجيهات سموه في تحديد مسؤول في جميع المؤسسات والجهات الخدمية، لتوفير الخدمات المخصصة لذوي الإعاقة، والعمل على تسهيلها واعتمادها، وذلك بهدف إيجاد مجتمع يضمن التمكين والحياة الكريمة لهم ولأسرهم، عبر رسم السياسات وابتكار الخدمات التي تحقق لهم التمتع بجودة حياة ذات مستوى عالٍ، والوصول إلى الدمج المجتمعي وتحقيق المشاركة الفاعلة وتعزيز الفرص المتكافئة لهم. ولهذا تسعى وزارة التربية والتعليم إلى مواكبة تلك السياسة بتهيئة المرافق التعليمية، وتزويدها بما يلزم لضمان إدماجهم في بيئات التعليم والتعلم، وتزويد المعلم العادي والمعلم المختص بالتربية الخاصة، بالبرامج التدريبية اللازمة لتهيئتهم لتعليم فئات أصحاب الهمم المختلفة، بالتنسيق مع المختصين المحليين والإقليميين والدوليين في مراكز دعم التربية الخاصة.
وقد كشف عن ذلك معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، خلال حديث له مؤخراً عندما قال إن الوزارة تعمل على توفير معلم تربية خاصة أو أكثر في كل مدرسة، لمساعدتهم على الاندماج في البيئة العامة للمدارس، بالإضافة إلى وجود مراكز دعم للتربية الخاصة في جميع إمارات الدولة لاستقبال الحالات وتشخيصها، ثم تحويلها إلى المدارس، ومتابعتها من قبل متخصصين في التربية الخاصة، كما تحدث عن انشغال وزارة التربية والتعليم بإعداد إطار عام لسياسات التعليم الدامج في دولة الإمارات بالتعاون مع الشركاء المعنيين لتقديم خدمات متكاملة لأصحاب الهمم، على غرار المراكز المتخصصة.
يشار إلى أن السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم تقوم على ستة محاور رئيسة، هي: «الصحة وإعادة التأهيل»، و«التعليم»، و«التأهيل المهني والتشغيل»، و«إمكانية الوصول»، و«الحماية الاجتماعية والتمكين الأسري» و«الحياة العامة والثقافة والرياضة».
 
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية