سعياً منها إلى الاستمرار في إيصال الصورة الإيجابية للدولة، وحرصاً على أن تظل القوة الناعمة هي المقود الذي يُعتمَد عليه في التعامل مع العالم الخارجي، تولي قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية كبرى للبعثات الدبلوماسية في الخارج، وذلك برفد طواقمها بالعديد من أصحاب الكفاءات الوطنية في مجال العمل الدبلوماسي والعمل على تزويدهم بكل المعارف والمهارات اللازمة للقيام بمهامهم على أكمل وجه.
وقد آتت هذه الجهود أكلها بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، حيث باتت دولة الإمارات اليوم من بين الدول الأكثر تمثيلاً دبلوماسياً في قارات العالم الخمس، كما بات حامل جواز السفر الإماراتي يتمتع بحرية الحركة في أغلب دول العالم المعترف بها اليوم، هذا فضلاً عن درجة التأثير التي أصبحت تمتلكها الإمارات في الكثير من القضايا الدولية والإقليمية وقوة قرارها في القضايا التي تهم الشأن الإنساني العالمي.
إن الحضور الدولي اللافت للنظر، والمكانة المتميزة في المحافل الدولية ما كانا ليتحققا لولا وجود رؤية ثاقبة لدى صانعي القرار في دولة الإمارات وإدراكهم أهمية الترابط بين المصالح الداخلية ومستوى التمثيل الخارجي الذي يشمل الدبلوماسية بمختلف أوجهها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وها هي دولة الإمارات اليوم تواصل سيرها على المنوال نفسه بتنظيمها الملتقيات والمؤتمرات التي تتناول دور الدبلوماسية في المجال السياسي والاقتصادي والأمن الغذائي والثقافة والإعلام وإسهامها في تقديم رؤية إيجابية لمجمل التطورات الإقليمية والدولية الراهنة ورصد تأثيراتها وتداعياتها المختلفة على دول المنطقة.
فخلال الملتقى الثالث عشر الذي نظمته وزارة الخارجية والتعاون الدولي الأسبوع الماضي لسفراء الدولة ورؤساء بعثاتها في الخارج، تبادل المشاركون الخبرات والتجارب ووجهات النظر حول وسائل دعم العمل الدبلوماسي والقنصلي وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز مكانة دولة الإمارات على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما شهد الملتقى تنظيم فعاليات عدة شملت ورشات عمل حول طبيعة الخدمات المساندة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للبعثات والحديث عن الدور الذي تؤديه سفارات الدولة وبعثاتها التمثيلية في الخارج في ترجمة وتحقيق استراتيجية وزارة الخارجية والتعاون الدولي للأعوام 2017-2021 المتصلة بتعزيز مكانة الدولة ورعاية مواطنيها في أماكن وجودهم في الخارج.
أما أبرز الموضوعات التي تطرق لها الملتقى، فقد شملت بحث العلاقات الأميركية - الإيرانية وتأثيرها في الشرق الأوسط، والتحالفات الإقليمية والدولية والتحولات السياسية في بعض الدول، كمبادرة تمكين المرأة في الدول النامية وتعزيز نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدول، إضافة إلى العديد من الموضوعات الأخرى ذات الصلة بالقطاع القنصلي والخدمات التي تقدمها الوزارة مثل مبادرة مراكز التأشيرات ومركز الاتصال وتعزيز دور البعثات في تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
إن النجاح الذي حققته الدبلوماسية الإماراتية يعود إلى تبنيها استراتيجية سياسية واضحة وفاعلة تقوم على مبادئ دعم القضايا العادلة وتعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في العالم بالتفاني في البذل والعطاء وبناء الشراكات، ودعم جهود المحافظة على الحضارة الإنسانية. وبالتالي فإن التجربة التنموية الإماراتية اليوم تحظى باحترام أبرز دول العالم المتقدم، ما انعكس على مستوى الثقة الممنوحة لجواز السفر الإماراتي وتدفق الاستثمارات الأجنبية وارتفاع عدد الدول التي افتتحت سفارات لها في الإمارات، وتنامي الشراكات الاقتصادية بين تلك الدول مع الإمارات، إضافة إلى ارتفاع مستوى التنسيق السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني بين الإمارات والعديد من الدول.
أما على المستوى الداخلي فقد نجحت الدبلوماسية الإماراتية مثلاً في جعل الدولة تستضيف مقر العديد من المؤسسات الدولية والإقليمية مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، كما نجحت في اختيار دبي لاستضافة «إكسبو دبي 2020»، بالإضافة إلى إعفاء مواطني دولة الإمارات من تأشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبي «الشينغن»، ولا تزال سفارات الإمارات في الخارج تعمل على جلب المزيد من المنافع للدولة والمواطن وتتفانى في تقديم القيم الثقافية والاجتماعية الأصيلة للشعب الإماراتي إلى العالم.

*عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.