تولي دولة الإمارات العربية المتحدة تطوير منظومة التعليم في مراحلها المختلفة اهتماماً استثنائياً، من أجل تعظيم مخرجاته بما يواكب مسيرة التنمية والتطور التي تشهدها في المجالات كافة، وذلك من منطلق إيمانها بأن التعليم هو الرهان الحقيقي نحو المستقبل، والقاطرة التي تنتقل بدولة الإمارات إلى عصر ما بعد النفط. ومن أجل الارتقاء بنوعية ومستوى جودة التعليم، تحرص دولة الإمارات على الانفتاح على التجارب التعليمية الرائدة في مختلف دول العالم، ودراسة سبل الاستفادة منها في تطوير منظومة التعليم بالدولة، وهذا ما أشار إليه بوضوح معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، خلال ترؤسه وفد الدولة الذي زار نيودلهي مؤخراً للاطلاع عن قرب على تجربة الهند في مجال التعليم وتنمية الموارد البشرية، حيث أكد معاليه أن دولة الإمارات تبذل جهوداً لتحسين جودة التعليم وتطوير المؤسسات التعليمية لتصبح ضمن التصنيفات العالمية، مشيراً إلى أنه «يمكن للإمارات العمل مع الهند لوضع نظام لتصنيف المعاهد الإماراتية، وفتح منصات التعليم (التعليم عبر الإنترنت) التي ستكون مفيدة ليس للطلبة الإماراتيين فحسب، إنما لطلبة منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بأكملها». ولا شك في أن المباحثات التي أجراها معاليه مع وزير تنمية الموارد البشرية الهندي ستمثل نقلة لمسار التعاون بين دولة الإمارات والهند في مجال التعليم، سواء فيما يتعلق ببرامج تبادل الطلاب أو الاعتراف المتبادل بالشهادات.
وتمثل تجربة الهند في مجال التعليم واحدة من أهم التجارب الناجحة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وثمة إجماع بين الخبراء والمتخصصين على أن هذه التجربة تمثل كلمة السر وراء ما حققته الهند من نجاحات وإنجازات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والفضاء والصناعة، حيث تحتضن الهند العديد من الجامعات والمعاهد العلمية التي تقدم مستوى تعليمياً عصرياً يضاهي مثيله في دول العالم المتقدمة، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والطب والهندسة، كما تشجع المدارس الهندية الطلاب على البحث والاطلاع منذ المراحل المبكرة، وتعمل على تنمية مهارات الإبداع والابتكار لديهم باعتبارها من المهارات الأساسية في القرن الحادي والعشرين. ولهذا فإن هذه التجربة الثرية يمكن أن تتيح فرصاً يمكن الاستفادة منها في تحسين جودة التعليم في دولة الإمارات، وتعظيم مخرجاته، بالشكل الذي يسهم في تأهيل الطلاب بشكل سليم، والعمل على تنمية مهاراتهم.
إن الانفتاح على التجارب التعليمية الرائدة والعمل على الاستفادة منها يمثل أحد المحاور المهمة ضمن استراتيجيات تطوير التعليم في دولة الإمارات، ودائماً ما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أهمية قراءة تجارب الدول المتقدمة التي اعتمدت على التعليم في تحقيق نهضتها الشاملة، والاستفادة من هذه التجارب في تطوير منظومة التعليم في الدولة، وقد جاءت كلمة سموه في اليوم الوطني السابع والأربعين، في الثاني من ديسمبر 2018 لتعبر عن الاهتمام الاستثنائي الذي توليه القيادة الرشيدة في الدولة لتطوير التعليم، حيث أكد سموه أن التعليم يُعَدُّ بوابة العبور الآمن والواثق نحو المستقبل المشرق، بإذن الله تعالى، والضمانة للحفاظ على استدامة التنمية، ووضع الإمارات في المكانة التي تستحقها بين الأمم، وقال سموه: «إننا نؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الأمثل، وإننا قادرون على المنافسة في ميادين التطور والتقدم، وبناء اقتصاد متنوع استعداداً لمرحلة ما بعد النفط، من خلال التعليم المتطور والعصري الذي يبني الكوادر البشرية المؤهلة التي تقود قاطرة التنمية الإماراتية إلى القمة على الدوام».
إن اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعليم، بوصفه قضية محورية، يقع في قمة أولويات الرؤية التنموية للقيادة الرشيدة، برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، التي تعمل على توفير البيئة المواتية لعملية تعليمية تأخذ بأرقى المعايير العالمية، بما يواكب «رؤية 2021»، و«مئوية 2071» اللتين تؤكدان دور المعرفة والعلوم في بناء أجيال المستقبل التي تقود مسيرة التنمية في مختلف مواقع العمل الوطني.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية