دعا وزير الخارجية «مايك بومبيو»، أمام مجلس الأمن الدولي، إلى «الوقوف إلى جانب قوى الحرية» في المواجهة بين الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وخوان جوادو، زعيم الجمعية الوطنية (البرلمان) في البلاد، والذي أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد في 23 يناير وسرعان ما فاز بدعم الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في نصف الكرة الغربي. ومنذ خطاب بومبيو، مارست الولايات المتحدة مزيداً من الضغوط على حكومة مادورو، وفرضت عقوبات نفطية جديدة، مؤكدة أن «كل الخيارات» – بما في ذلك، كما يفترض، التدخل العسكري –«مطروحة على الطاولة». وكان قد تم التقاط صورة لجون بولتون، مستشار الرئيس ترامب للأمن القومي، ممسكاً في يده دفتر ملاحظات مدوناً فيه عبارة «5000 جندي إلى كولومبيا». والولايات المتحدة ليس لديها دور بناء لتلعبه في الأزمة الفنزويلية السياسية.
وتصرفات إدارة ترامب – وموظفيها، تذكرنا بالتاريخ الطويل والسيئ لتدخل الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية. طوال القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة كثيراً ما تتدخل في الشؤون الداخلية لدول أميركا اللاتينية، وكان سائر الرؤساء يفترضون بشكل أبوي أنهم يعرفون كيفية تحسين الأوضاع السياسية في المنطقة. وكانت النتيجة نادراً ما تتمخض عن وجود الديمقراطية والاستقرار.
وخلال الحرب الباردة حشدت واشنطن موارد سرية لدعم المعارضة المناهضة للحكومات اليسارية، في عدد من بلدان أميركا اللاتينية. وفي أوائل سبعينيات القرن الماضي، ساعدت إدارة ريتشارد نيكسون على تقويض حكومة «سلفادور الليندي» في تشيلي قبل أن تتم إقالته، أيضاً، في انقلاب عسكري. في مثل هذه الحالات، كانت الولايات المتحدة تحتفل بتغيير النظام باعتباره استعادة للديمقراطية. ومما يدعو للقلق أن محاربي الحرب الباردة قد عادوا. والذي يقود سياسة واشنطن تجاه فنزويلا الآن هو جون بولتون، الذي خدم في إدارة الرئيس رونالد ريجان. كما قام البيت الأبيض بتعيين «إليوت أبرامز»، الذي كان خلال عمله في إدارة ريجان يعفي القوات التي دربتها الولايات المتحدة في أميركا الوسطى من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها. وفي 1986، قال «أبرامز»: «إنني معادٍ للثورة منذ فترة طويلة».
لقد غادر ملايين الفنزويليين البلاد في السنوات الأخيرة، مما خلق أزمة لاجئين إقليمية. ويعاني الناس من الجوع وعدم القدرة على الحصول على العقاقير والسلع الأساسية. كما تقلص الاقتصاد بنحو النصف في السنوات الخمس الماضية، ووصل التضخم إلى مليون في المئة في عام 2018. وتعتمد حكومة مادورو المفترض أنها اشتراكية على العنف شبه العسكري للحفاظ على السلطة. أما روسيا والصين، اللتان ما زالتا تدعمان حكومة مادورو، فلا يقل اهتمامهما بنفط فنزويلا عن اهتمام الولايات المتحدة.
ومن غير الواضح حتى الآن كيف شكّلت الولايات المتحدة بشكل مباشر قرار السيد جوايدو بتحدي سلطة مادورو. جوايدو التقى سراً في ديسمبر الماضي مسؤولين في الولايات المتحدة وكولومبيا والبرازيل وكلهم يخضعون لحكومات يمينية. ولكن ما هو واضح أن دعم جوايدو -أو على الأقل البديل لمادورو – يمتد إلى ما وراء اليمين. فقد تم الاعتراف بجوايدو رئيساً مؤقتاً من قبل كل أعضاء «مجموعة ليما»، بما في ذلك بيرو وكندا والإكوادور والأرجنتين.
بيد أن هناك نقطة ضعف بالنسبة للمعارضة. فواشنطن على استعداد لتقديم يد المساعدة، ولكن في القيام بهذا من الممكن، كما فعلت مرات عديدة في تاريخ أميركا اللاتينية – أن تضر أكثر مما تنفع. وسيستخدم مادورو التدخل الأميركي لحشد ما تبقى من التأييد الداخلي تحت راية معادية للإمبريالية. كما سيقوض التدخل الأميركي آفاق الشيء الذي تحتاج إليه فنزويلا لتحقيق انتقال سلمي إلى الديمقراطية: المصالحة الوطنية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/01/31/opinion/us-intervention-venezuela.html