الكارثة التي حلت بالعالم العربي خلال الـ15 سنة الماضية بدءاً من احتلال العراق 2003م، جرى تصنيفها على أنها (أسوأ مرحلة سقوط يمر بها العالم العربي). أكد على ذلك مهتمون في الفكر والسياسة والإعلام والثقافة و(الأنثروبولوجيا). هل هذا الكلام مشكوك فيه أم أنه خطير؟ يبدو أنه سيكون خطيراً إن لم نجد ما يعزّزه بالأرقام والتواريخ. صحيفة (نيويورك تايمز) المختلفة عن باقي الصحف الأميركية، والفائزة بجائزة بوليتزر 125 مرة. تقول:(إن العدوان والاحتلال الأميركي للعراق لم يدمر نظام البعث العراقي فقط، بل دمر الدولة العراقية، وخلق الظروف الملائمة لولادة «داعش» وأمثالها من المنظمات الإرهابية، وقضى على العالم العربي وحوّله إلى منطقة ملتهبة، ومصدر لأزمة لاجئين عالمية، كما أعطى إشارة الانطلاق لعصر الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم ويقض مضاجع البشرية). وقد خصصت الصحيفة عدداً خاصاً لهذا الموضوع الذي استغرق صفحات العدد وأسهم فيه عدد من المستشارين، الأمر الذي يحدث أول مرة في تاريخ الصحيفة (1851م) التي تعتبر قدوة الصحافة الجادة. حصيلة الأرقام للخسائر البشرية والمالية التي تسبب فيها (العدوان الأميركي على العراق بحجة كاذبة) هي حصيلة مذهلة. نقتطف (قُتل من العراقيين مليون و455 ألفا و590 شخصاً، ومن العسكريين الأميركيين 4801 جندي وضابط، (ومن حلفاء العدوان الآخرين) 3487 عسكرياً. ويضيف موقع الصحيفة العالمي (إن الكلفة المالية للحرب على الغالب والمغلوب بلغت تريليون و705 مليارات و856 مليون دولار). وحديثها عن (الربيع العربي) مؤلم. تكتب:(إن الربيع العربي واحد من النتائج الثانوية والهزات الارتدادية للكارثة) فخسائر العالم العربي (بلغت 830 مليار دولار فضلاً عن الدمار الحاصل في تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وسوريا). و(يحدث هذا في عصرٍ تُحرز فيه الشعوب مزيداً من التقدم والارتقاء). والعدد الخاص لـ«نيويورك تايمز» الأميركية يأتي في وقت لا تزال فيه عملية التدمير مستمرة، مما يعني أن الأرقام التي ذكرت هي في ازدياد مطلع كل يوم ما دامت كرة الخراب لا تزال تتدحرج. والأغرب في جزء من الكارثة أن الإرهابيين يشنون حربهم على الإنسانية باسم الإسلام و70في المائة من ضحاياهم مسلمون وفي دول إسلامية!
مقطع القول إن الوطن العربي يُدمر بأيد عربية (فليهنأ) الأعداء بما أوصلونا إليه من سقوط. في كتاب شيق رغماً عني، صدر عام 2011م كتبه كل من (دان سينور وساول سينجر) بعنوان (الأمة الناشئة: قصة المعجزة الاقتصادية الإسرائيلية)، يجيب فيه الكاتبان عن سؤال أساسي:(كيف لدولة مثل إسرائيل يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، وعمرها بالكاد 60 عاماً (70 عاماً الآن)، وهي في حالة حرب دائمة مع أعدائها الكثر منذ إنشائها (منذ احتلالها لأرض فلسطين)، وليس لديها موارد طبيعية، أن تتمكن من إنشاء أعداد كبيرة من الشركات الناشئة تزيد على دول عريقة مثل اليابان والصين والهند وكوريا وكندا والمملكة المتحدة؟). كم رجوت الله أن يخطر هذا السؤال على بال الحكومات العربية التي تحكم ما يزيد على 365 مليون نسمة نسبة الشباب فيه مرتفعة، وتمتلك ثروات طبيعية ومالية خيالية. تصوروا لو أن نسبة 10في المائة من العرب أصبحوا منتجي معرفة لشاركنا الطريق مع حُكام العالم الجدد. ماذا ننتظر؟!