من المتوقع أن تكون الأسابيع القليلة المقبلة بالغة الصعوبة بالنسبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وحملة إعادة انتخابه في نوفمبر من عام 2020. وثمة أحداث من شأنها أن تُحدّد ما إذا كان التأييد الشعبي الذي يحظى به ترامب داخل حزبه الجمهوري في الوقت الحالي سيستمر، أم أن أنباء سيئة قد تؤدي إلى بزوغ تحدٍ جديد من داخل الحزب خلال مرحلة المنافسات التمهيدية لتحديد من سيحصل على تذكرة خوض الانتخابات الرئاسية المقررة لعام 2020.
وبالنسبة لأنصار ترامب، فإن أكثر السيناريوهات تفاؤلاً في هذا الخصوص تنطوي على ما يلي:
أولاً؛ أن تنجح قمته الثانية مع الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج أون» في فيتنام، والتي انعقدت أمس الأول الأربعاء، وأن تتمخض عن تقدم كاف بين البلدين بما يسمح لترامب ووزير خارجيته «مايك بومبيو» بالقول إن العلاقة مع بيونج يانج تتحسن ولو ببطء، وبأن مخاطر الحرب في شبه الجزيرة الكورية قد تلاشت بشكل كبير جداً.
ثانياً؛ أن يُرسل تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، الذي طال انتظاره، بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 لمساعدة ترامب على الفوز، إلى وزارة العدل الأميركية، وألا يُظهر دليلاً مباشراً على وجود «تآمر» من جانب ترامب مع الروس، وألا يكون هناك أي دليل قاطع على محاولة الرئيس وفريقه عرقلة العدالة من أجل التدخل في التحقيق المستمر منذ عامين. ومثل هذه النتيجة سيعتبرها "الجمهوريون" انتصاراً مؤزّراً، وستصبح القضية أقل أهمية في النقاشات المحلية بشأن سلوكيات ترامب تجاه موسكو وصداقته مع الرئيس فلاديمير بوتين.
ثالثاً؛ أن يتلقى مجتمعُ المال والأعمال حدوث أي تقدم ملحوظ في المفاوضات مع الحكومة الصينية، بشأن الرسوم الجمركية والعلاقات التجارية، بترحيب كبير، ومن المرجح عندئذ أن ترتفع أسواق الأسهم في أرجاء العالم كله تقريباً.
رابعاً، أن تُظهر الانقسامات الشديدة بين كثير من المرشحين الديمقراطيين الساعين لتحدي ترامب، قضايا شائكة يمكن أن يستغلها "الجمهوريون" في اتهام الديمقراطيين بالبعد عن اهتمامات الأميركيين العاديين، وزيادة ارتباطهم بأجندة «اشتراكية».
وتبدو الحجج المضادة، أو احتمالات أن تسوء الأمور بالنسبة لترامب، مثيرة للاهتمام بصورة مماثلة، وذلك على النحو الآتي أيضاً:
أولاً؛ يمكن أن تصبح كوريا الشمالية بمثابة خسارة أخرى تضاف إلى ما قد يعتبره البعض إخفاقات ترامب في السياسة الخارجية. وإذا ما منح ترامب كوريا الشمالية كثيراً من التنازلات مقابل وعود مبهمة بالتخلي عن الأسلحة النووية، فإنه سيتعرض لانتقادات لاذعة، ليس فقط من قبل الديمقراطيين، ولكن أيضاً حتى من "الجمهوريين" المتشددين الذين لا يعتقدون أن كيم جونج أون سيكشف أبداً عن حجم قوته النووية الحقيقي، أو سيوافق أبداً على التخلي عنها. وفي هذه الحالة سينظر إلى سياسة ترامب تجاه كوريا، مثل إخفاقاته في الشرق الأوسط، كدليل إضافي على عدم إلمامه بتفاصيل الأمور الدبلوماسية. وسيضيف إلى قائمة الاتهامات الموجهة إلى فريق سياسته الخارجية، خصوصاً موقفه تجاه الفلسطينيين. وما لم، يقدم صهره ومستشاره «جاريد كوشنر» خطة عملية قابلة للتطبيق من أجل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فلن يجد دعماً من أوروبا ولا من الأميركيين.
ثانياً؛ إذا تضمن تقرير مولر نتائج مضرة بشأن علاقات ترامب مع الروس، بما في ذلك تفاصيل تعاملاته المالية مع عمالقة النفط الروس، فسيتسع نطاق الفضيحة، خصوصاً أن الديمقراطيين يسيطرون حالياً على مجلس النواب، ولجانه الرئيسية التي تتمتع بسلطة تكثيف إجراء التحقيقات داخل الإدارة.
ثالثاً؛ سيؤدي الإخفاق في التوصل إلى اتفاق عادل مع الصين بشأن التجارة إلى إحداث ركود كبير في الاقتصاد العالمي، المتأثر تأثراً شديداً باقتصادي كلا البلدين. وسيتمخض ذلك عن مشكلات للاقتصاد الأميركي، وبصورة خاصة في كثير من الولايات التي فاز فيها ترامب بهامش محدود في انتخابات عام 2016.
وإذا لم يعد السجل الاقتصادي لترامب قوياً بما فيه الكفاية، فإن المعارضة داخل حزبه يمكن أن تنمو وتتوسع، مما سيقوي حجج "الديمقراطيين" للقول بأن سياساته الاقتصادية، لاسيما تخفيضاته الضريبية الجديدة المعتمدة في 2017، إنما تصب في مصلحة الأثرياء بصورة رئيسية وليس الطبقة المتوسطة. وستكون هذه رسالة سلبية جداً في عام الانتخابات.
لكن تطورات محتملة قد تتضمن أنباء سارة بالنسبة لترامب؛ فإذا ما استمرت شعبيته داخل "الحزب الجمهوري" عند مستويات مرتفعة، فإنه سيكون في وضع جيد عند خوضه الدورة الانتخابية الجديدة، كونه الرئيس الذي يشغل المنصب ويهيمن على الأجندة الوطنية. وإذا أخفق الديمقراطيون في بلورة أجندة واضحة وعملية من أجل رئيس جديد، فإن فرص إعادة انتخاب ترامب ستكون مرتفعة في الوقت الراهن على الأقل.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال انترست» -واشنطن