منذ أن تحول التيار المحافظ إلى حركة في خمسينات القرن الماضي، أدرك اليمين الأميركي أنه لا يدافع عن الدستور الأميركي المكتوب فحسب بل أيضاً الدستور غير المكتوب – نوع من الدستور الثقافي أو الاجتماعي، المتأصل في تاريخنا القومي، تساعد الضوابط والتوازنات لنظامنا السياسي الرسمي في الحفاظ عليه.
وبموجب هذا الدستور، فإن أميركا لديها ثلاثة فروع للحكومة لكن التنوع الكبير يكون في مراكز القوى – الدينية والشركات والقوى العائلية والخيرية. وبموجب هذا الدستور، فإن أهم المؤسسات في حياتنا القومية ليست هي المؤسسات السياسية، إنها مؤسسات المجتمع المدني التي ازدهرت، تحديداً لأن الحكومة أبقيت في حدود، ولو تختار الدولة لتسحق جميع منافسيها من أجل النفوذ والسلطة.
وهكذا، عندما يعظ «المحافظون» بشأن فضائل «الحكومة المحدودة»، فإنهم يتصورون كيانا مجتمعيا أكبر –مؤسسات مدنية وطوائف دينية ومؤسسات خيرية وجامعات ومدارس خاصة –يحتاج إلى حماية ضد غيرة الدولة المركزية. وهم يميلون إلى الاعتقاد بأن الإبقاء على الشركة الأميركية متضمنة في هذا النظام المجتمعي هو طريقة أفضل لموازنة الإنتاجية والابتكار والحماس العام أكثر من مجرد تنظيم الشركات وتوجيهها نحو السلوك الجيد.
فإذا أردت تلخيص أوجه عدم اليقين الفكرية للمحافظين في عصر ترامب فيمكنك القول: إن اليمين يحاول تحديد ما إذا كان الدستور الأميركي غير المكتوب الذي يتخيل أنه يدافع عنه ما زال قائماً. وإذا لم يكن، أو إذا فشل، سواء هذا يعني أن «الحكومة المحدودة» كشعار واستراتيجية غير ذات صلة على نحو متزايد عندما يتعلق الأمر بتشكيل المجتمع الذي يود المحافظون أن تكون أميركا عليه.
وكان الأخير هو الحجة التي ضغط عليها دونالد ترامب بشكل ضمني ضد أكثر خصومه تفاؤلا في الانتخابات الأولية لعام 2016. لقد كانوا مدافعين عن الحلم الأميركي كما عرفه المحافظون منذ أمد طويل، بينما أثارت النغمات التآمرية لمنافس رجل أعمالهم مجموعة من الأسئلة غير المريحة. هل ما زالت أميركا أمة من المجتمعات المحلية المزدهرة والحياة المدنية النشطة؟ هل ما زالت أميركا دولة متدينة للغاية، ذات كنائس قوية وطوائف متنامية؟ هل ما زال رجال الأعمال الأميركيون، الذين يحركهم في الأساس الصالح الشعبي، حريصين على التنافس على أسس متساوية بمجرد أن ترفع أميركا يدها الثقيلة؟
لسنوات وحتى الآن كان علماء الاجتماع والمثقفون يعترفون بأن الإجابة ربما تكون لا – وأن الحياة الترابطية والحضارية والدينية التي كانت يوما ما غنية آخذة في الانحسار، وأن أميركا تعتنق شعارات محافظة للإبقاء على الضرائب منخفضة والنقابات ضعيفة، وأن «الغالبية الصامتة» من العائلات المجتهدة والمتدينة والمحافظة ثقافيا أصبحت الآن فاقدة الصلاحية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/02/26/opinion/conservatives-republicans-trump.html