السياسات والتوازنات الدولية والإقليمية جعلت من قطر في ظل توجهاتها الحالية واحدةً من أكثر الدول تضرراً، ومن يراقب منحنى التأثير القطري بعد المقاطعة الرباعية سيكتشف بسهولة أنه منحنى يتجه إلى الهبوط على كافة المستويات، والمعلومات منشورةٌ والأرقام معلنةٌ. لقد أصبحت قطر مصرفاً مجانياً لكل دول المنطقة المعادية للدول والشعوب العربية، فقد فرض عليها النظام الإيراني مساعدته مرغمةً في مواجهة العقوبات الأميركية القاسية التي بات قادة إيران يعبرون عنها، وأصبحت أذرعها الخارجية تتسوّل الدعم المادي كما أعلن قائد أقدم ميليشيا إيرانية في المنطقة، حسن نصر الله قائد ما يعرف بـ«حزب الله» الإرهابي في لبنان.
تركيا بدورها وهي تعيش أزمةً اقتصاديةً تعود في مراحل أصبحت أكثر تقارباً مؤخراً لابتزاز قطر وإجبارها على الدفع لتركيا مقابل مواقف سياسية معادية لدول الخليج وللدول العربية وعلى حساب قطر وخزينتها وأموال شعبها، بالإضافة لما تحصّله تركيا من قطر عبر قاعدتها العسكرية في قطر التي تحمي تنظيم الحمدين من شعبه وبشروطٍ مذلةٍ للدولة القطرية وصانعي القرار فيها.
بحسب «العربية نت» فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم «رفع سعر القواعد الأميركية في الخارج، وستدفع قطر الفاتورة الأعلى نظراً لوجود قاعدتين أميركيتين على أرضها هما قاعدة العديد التي تبعد 20 ميلًا فقط عن الدوحة، وقاعدة السيلية التي تقع خارج العاصمة القطرية على بُعد 30 كلم. إضافة إلى عزم ترامب رفع تكلفة القوات الأميركية بنسبة 50%».
وإذا كانت قطر تدفع مليار دولار سنوياً لاستضافة القاعدتين الأميركيتين -مقارنةً بألمانيا- فإنها ستدفع خمسمئة مليون إضافية، أو مليار دولار إضافي إذا كانت الحسبة لكل قاعدةٍ على حدةٍ، وهو ما يعني أعباء إضافية لا يستهان بها، وهي تؤكد على أن المنحنى القطري لم يزل في انحدار وهبوط مستمرين.
تحضيرات قطر لاستضافة كأس العالم 2022 هي تحضيرات بالغة التكاليف وأكثر من هذا، فلا أحد مقتنع بقدرتها على تلك الاستضافة والفيفا يقترح دولة الكويت وسلطنة عُمان للمشاركة في الاستضافة، للخروج من مأزق هذا الاستحقاق الرياضي المهم.
هذا بالإضافة للدعم القطري المستمر والمتواصل للجماعات الأصولية والإرهابية حول العالم، والدعم المتواصل للميليشيات الشيعية الإرهابية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، والمليارات التي تدفعها لدعم استقرار الفوضى في ليبيا وغيرها، والمليارات التي تدفعها لزعزعة استقرار الدولة المصرية.
إضافةً لكل ما سبق يمكن إضافة الحملات الإعلامية في وسائل الإعلام الغربي وحملات العلاقات العامة لتحسين صورة قطر وسياساتها هناك، والتي تكلف مئات الملايين ولا تؤتي ثمارها، وتفشل في كل مرةٍ عن تحقيق الأهداف القطرية ومع ذلك يستمر الصرف والدفع.
ومن قبل ومن بعد ما تدفعه قطر لكل المرتزقة من مواقع إلكترونية معادية للدول المقاطعة ومعرفات في مواقع التواصل ولجان إلكترونية تعمل من شتى أنحاء العالم لا لخدمة قطر في استراتيجيات البناء والتنمية والازدهار بل لمهاجمة هذه الدول الأربع العظيمة، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وليست سياسات البناء مثل سياسات الهدم بأي حالٍ من الأحوال. في غمرة العناد الذي يعتمده صانع القرار القطري يظهر أنه لا يقيم أي اعتبارٍ لما سيكتبه التاريخ عنه، التاريخ القطري قبل غيره، التاريخ الذي سيكتبه الشعب القطري بنفسه بعد زوال الغمة وانكشاف المحنة، التاريخ الذي سيبقى بعد انقضاء هذه المرحلة من العناد والجنون السياسي.
أخيراً، تتوالى مآسي الشعب القطري من هذه المرحلة العجيبة، سحب جنسية الآلاف من أبناء قبيلة «الغفران» القطريين، واعتقالات تعسفية لبعض رموز الأسرة الكريمة الحاكمة في قطر، وفضائح تتوالى وتزداد وتتسع، وسيبقى التاريخ شاهداً على مدى التأثير السيئ لبعض الشخصيات على دولهم وشعوبهم.