كان السؤال الرئيسي الذي يشغل ذهن المراقبين في العالم العربي وفي إسرائيل، هو: هل يمكن أن يظهر حزب للسلام العادل في إسرائيل على عكس كتلة اليمين المتشددة؟ وهل يمكن التعويل على حزب «أزرق وأبيض» الذي أسسه الجنرال بيني جانتس في إحداث اختراق في عملية السلام يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشرقية في إطار من التصالح مع العالم العربي؟
جاء هذا السؤال قبل إعلان البرنامج السياسي الانتخابي للحزب الذي يضم الجنرال موشيه يعلون، رئيس الأركان الأسبق بحزبه «الحركة القومية»، والجنرال جابي أشكنازي رئيس الأركان الأسبق ويائير لابيد زعيم حزب «هناك مستقبل»، أما بعد إعلان البرنامج أخيراً فقد بدأت الصورة تحتاج إلى مزيد من التأمل.
كان مما ساعد على بناء آمال على حزب الجنرال جانتس في قيادة عملية للسلام عدة أمور؛ منها أن شريكه يائير لابيد عبّر عن استعداده للتصالح مع الفلسطينيين، بما يؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية. ومنها أن نتنياهو وجَّه اتهاماً للجنرال جانتس بأنه وافق أثناء عمله كرئيس للأركان على خطة أميركية وضعها الرئيس الأميركي باراك أوباما تقضي بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967. وطبعاً كان هدف نتنياهو أن يشوه صورة جانتس أمام جماهير اليمين ويصوره كيساري مستعد للتفريط في الضفة الغربية. لقد رد جانتس على اتهام نتنياهو بالقول إن تلك كانت خطة أمنية تجهز لمرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقية سلام إسرائيلية فلسطينية، وأنه تلقى أمراً من نتنياهو كرئيس للوزراء بالتباحث فيها مع الأميركيين.
ومن العوامل التي دعت المراقبين أيضاً إلى التعويل على حزب الجنرالات أن جانتس أعلن في أول خطاب له أن تجربة الانفصال والانسحاب أحادي الجانب التي قام بها شارون من غزة، يمكن تطبيقها في الضفة الغربية أيضاً، وهو ما أعطى مادةً لليمين لاتهام جانتس بأنه سيعيد الضفة للفلسطينيين.
لكن برنامج الحزب المنشور كشف عن صياغات متشددة تجاه قضية السلام، إذ أكد على ما يلي:
1- أنه لن يحدث أي انسحاب أحادي الجانب.
2 - سنقوم بتقوية كتل الاستيطان بالضفة.
3- سيكون غور الأردن الحد الأمني الشرقي لدولة إسرائيل.
4- ستبقى القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية.
5- سنمكن للتنمية الاقتصادية القوية في مناطق السلطة الفلسطينية.
6- سنحافظ على أفق مفتوح للتسوية السياسية في المستقبل.
7- في ضوء المبادئ السابقة سندرس خطة ترامب للسلام عند عرضها.
8- سنبادر إلى عقد مؤتمر إقليمي مع الدول العربية المتطلعة للاستقرار، ونضمن عمليات الانفصال عن الفلسطينيين مع الحفاظ المشدد على مصالحنا الأمنية.
9- سيطرح أي قرار تاريخي لاستفتاء شعبي أو يصدق عليه الكنيست بأغلبية خاصة.
لقد أدى ذلك البرنامج إلى توجيه انتقاد لليمين ولجانتس معاً، لتجاهلهما مقتضيات السلام مع الفلسطينيين. وقال الجنرال عامي إيلون الرئيس السابق لجهاز الشاباك الأمني، إن على جانتس أن يطرح بديلاً سلمياً واضحاً ومختلفاً عن الطرح المتشدد الذي يقدمه اليمين الإسرائيلي.

*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس