نرفع الأيدي إلى السماء تضرعاً لئلا يكون مصير الاحتجاجات الشعبية في الجزائر، مصير الدول العربية السبع التي مر بها ما سميّ (الربيع العربي) الذي برغم كل ما استخدم فيه من مؤامرات ومكائد وتدمير ومواجهات راح فيها عشرات القتلى وأعمال شغب وتخريب، لم تخلف سوى الفوضى والخسائر والمرارة في كل بيت وكل أسرة، وعلى الرغم من ذلك كله، فشل الربيع فلم يزهر نباته ولم تثمر أشجاره الزقوم. نتضرع إلى الله أن يحمي الجزائر من المتربصين هؤلاء ممن يهوون ركوب الحراكات الشعبية التلقائية فيحرفوها عن جادتها الوطنية وصدق نواياها ويزيفوا شعاراتها، لتتعثر وتسقط في الخطأ، وتثير غضب الطرف الآخر فتكون المواجهة وتكون الخسارة التي نخشى. نرجو الله ألاّ يكون هنالك شيء من هذا في الجزائر، بلد الشهداء والمقاومة التاريخية. إننا نعوّل كثيراً على وعي الشباب الجزائري وحسه الوطني، وكذا على قياداته الفكرية والثقافية والسياسية، وهم كثر، أن يكونوا حذرين ويقظين من المندسين من الداخل، والمتسللين من الخارج، فليبيا قريبة وهنالك ما هو أقرب.
الجزائر محاطة بما يصعب وصفه من جماعات بشرية علاقتها ما زالت جيدة بالتوحش كرهاً بالحياة، ومن خلايا ليس فيها نائم ولا عاقل، كلهم جاهزون للانقضاض بانتظار عثرة أو زلة مهما كانت بسيطة أو متناهية في الصغر.
فالوطن العربي مكتوب عليه أن يكتمل خرابه الكلي من الماء إلى الماء، كي لا يبقى فيه (حجر على حجر) ولا حتى بشر مؤهلين للاستمرار في الحياة وتعمير ما أمكن من الأرض التي فيها ما يستحق الحياة. مكتوبٌ عليه أن يواجه ما أرادوه أن يبدو قدراً لا مهرب منه، عصيٌ على المواجهة وفعل التغيير، وهو ليس بقدر ولا بمصير محتوم، لكنها الأجندات الخبيثة تلك التي يراد لها تنفيذاً حرفياً لا توانيَّ فيه ولا رحمة في ميدان اسمه الوطن العربي المرشح بكليته لأن يكون وقوداً لحرب عالمية ثالثة، حسبما قال المفكر طلال أبوغزالة في ندوة أقيمت في عمَّان الشهر الحالي، فلكي يتشكل نظام عالمي جديد، غير النظام الحالي عديم القيادة حسب كما قال «جوردون براون» رئيس وزراء بريطانيا السابق، لا بد لهذه الحرب الكونية من أن تقع، وأن هنالك تقريراً سيرسل نهاية الشهر الجاري على مستوى العالم ينبّه فيه لهذه النبوءة المرعبة، وأن العالم سيدخل بعد قليل، فيما سمّاه (أصعب مزيج اقتصادي وهو كساد في الأعمال وارتفاع في الأسعار).
ونفى «طلال» أن يكون ما قاله اجتهاداً أو رأياً شخصياً بل هو (نتائج لدراسات وأبحاث عالمية). إن عام 2020 سيكون عام الانتخابات الرئاسة الأميركية، والرئيس دونالد ترامب لن يتقبل أن يكون على قمة قيادة العالم في (أحسن كارثة اقتصادية، بل سيتخذ أجراءات، وتوقعوا كل شيء) يضيف «أبوغزالة». بعد الخروج من الحرب سيحتاج العالم إلى إعمار المنطقة المدمرة وسنكون أفضل من أوروبا التي دمرت - يقصد بعد الحرب العالمية الثانية - ولم تكن لديها موارد كافية، على خلاف منطقتنا التي تمتلك موارد من بينها الغاز والنفط). ما من تعليق على حديث «أبوغزالة» سوى القول إن الدمار هو الشيء الوحيد الذي يلوح في الأفق، لذلك، كلما شاهدنا احتجاجات حتى وأن كانت مشروعة، وضعنا أيدينا على قلوبنا المرتجفة، وتذكرنا برنارد ليفي.