قلصت رئاسة بيل كلينتون العجز في الموازنة الموروث عن عصر ريجان، وساعدت في التحفيز على أقوى ازدهار اقتصادي في عقود، وجعلت قوانين الضرائب أكثر تقدمية.
أما رئاسة أوباما، فقد منعت تفاقم أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير، وحقق أوباما هذا من خلال التوقيع على مشروعات قوانين تحفز الإنفاق على التعليم وتوليد الطاقة من الرياح وبرامج أخرى ذات منافع دائمة.
ووضع أيضا قوانين جديدة لوول ستريت، ووسع التأمين الصحي ليضيف ما يقرب من 20 مليون شخص، لكن رغم كل ما فعله الرجلان، لم يغيرا من توجه الاقتصاد الأميركي.
وبحلول نهاية سنوات أوباما الثماني، ظلت الأسر الفقيرة والمتوسطة تتلقى أقل من نصيبها العادل من النمو الاقتصادي، وظل الأميركيون الأثرياء ينتعشون ويتزايد تركز الثروة في أيديهم، والإحباط الناجم عن هذا ساعد في صعود ترامب.
وهذا التاريخ يعني أن قائمة الأولويات الاقتصادية للحزب «الديمقراطي» يتعين أن تصبح أكثر طموحاً.
فلم يعد كافياً القيام بتعديلات متواضعة في معدل تصاعد الضريبة مع ارتفاع الدخول، أو منح رصيد ضريبي للطبقات الوسطى، بل تحتاج البلاد إلى سياسة اقتصادية ترقى إلى مستوى التحديات.
وعلى خلاف جميع المتنافسين عام 2020، تتبنى اليزابيث وارين قائمة أولويات على مثل هذه المستوى من الطموح.
ويستهدف برنامجها إصلاح الرأسمالية الأميركية حتى تستفيد منها مرة أخرى كل الأسر الأميركية.
وكانت سياسة الحزب «الديمقراطي» تقبل حتى وقت قريب أن يتعاظم حجم الشركات الكبيرة، وأن تقوم بكل شيء لتبقي أجور العمال منخفضة.
والحكومة تحاول تحسين الأمور من خلال الضرائب على الدخل وبرامج الإعانات الاجتماعية، لكن وارين لا تحاول معالجة الأعراض فقط بل المرض ذاته.
فقد اقترحت تقديم برامج شاملة لرعاية الأطفال وتفضل نهجاً أكثر صرامة في عمليات اندماج الشركات في المستقبل، مثل كثيرين من «الديمقراطيين»، وعلاوة على هذا تريد تفكيك فيسبوك وشركات تكنولوجيا أخرى أصبحت تشبه الاحتكارات، وتريد أن تطالب الشركات بأن تضم مجالس إدارتها ممثلين عن العمال.
وتريد إنهاء عصر «تعظيم قيمة ما يملكه حامل الأسهم» الذي لا تبالي فيه الشركات بشيء تقريبا إلا بمصالح حملة أسهمها في الغالب على حساب عمالها ومجتمعاتها وبلادها.
و«وارين» هي أول سياسية بارزة تدعو إلى فرض ضريبة سنوية على الثروة التي تزيد على 50 مليون دولار، وهذه الضريبة تمثل نتيجة منطقية للبحث الذي أجراه الاقتصادي «توماس بيكتي» وآخرون، ويوضح أن الثراء الفاحش يصبح مؤبداً، وتاريخياً التركيز في الثروة يؤدي إلى إضعاف قوة المجتمعات.
وتوضح «وارين» ببساطة أنها ليست اشتراكية، بل رأسمالية- مثل الرئيس فرانكلين روزفيلت- وتحاول فحسب الحفاظ على الرأسمالية الأميركية من الغلو.
لكن يظل أن فهم «وارين» لمشكلات البلاد لا يعني بالضرورة أنها يجب أن تكون المرشح «الديمقراطي» لخوض السباق الرئاسي.
فالسياسة ليست منافسة خبراء، بل يجب ويرجح أن يكون المرشح هو أكثر الأشخاص قدرة على إلهام الناخبين، كما أني لا أوافق على كل مقترحات «وارين»، فخطتها لتفكيك شركات التكنولوجيا الكبيرة تبدو غير رسمية، وخطتها لإدخال العمال في مجالس إدارات الشركات قد لا تكون مجدية بقدر اتباع مسعى اتحادي لزيادة القدرة التفاوضية للعمال.
وبالرغم من هذا، تضع وارين يدها على المشكلات الصحيحة، وتقدم رؤية متماسكة لقائمة أولويات ديمقراطية لحقبة ما بعد أوباما.
وفي الشهور المقبلة يحدوني أمل أن يقدم كل مرشح آخر في انتخابات 2020 إجابات عن الأسئلة التي أجابت عليها «وارين»، وهي كيف تستطيع الشركات الأميركية المساعدة مرة أخرى في خلق طبقة وسطى مزدهرة وصاعدة، كما فعلت من أربعينيات حتى سبعينيات القرن الماضي؟ وكيف يمكن تقييد سلطة الشركات الكبيرة على المستهلكين والعمال والشركات الأصغر؟ وكيف يمكن تغيير التفاوت الكبير في مستويات الثروة؟ وكيف يمكن تقليص الفجوات المتزايدة الاتساع في الفرص أمام الأطفال من خلفيات اجتماعية مختلفة؟ وربما يكون أكبر سبب يجعلنا متمسكين بالأمل بشأن قائمة أولويات وارين بصرف النظر عن احتمال خوضها السباق كمرشحة رئاسية للحزب «الديمقراطي» هي أن قائمة الأولويات تلك تحظى بشعبية.
 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»